للخروج وإنما الخلاف بينهم في المقدار المعتبر في ذلك الاسترخاء وهو الغلبة على العقل فكل منهم عبر عنه بما كان معتبرًا عنده في الغلبة على العقل فالاختلاف في تحديد النوم المعتبر في نقض الطهارة اختلاف تجربة وزمان لا اختلاف حجة وبرهان، وأما جوابه صلى الله عليه وسلم عن نوم نفسه الشريفة فكان ممكنًا بأنه لا ينام قلبه اليقظان وإن نامت فيما يبدو لنا العينان غير أنه صلى الله عليه وسلم لم يجبه به إفتاء للسائل بجواب عام يشمل كل مكلف نام ولولا أنه أجاب بذلك بل أدار الأمر على الفرق بينه وبين الآخرين لما أفاد إفادة جوابه هذا الذي ذكر ههنا ثم إن مسألة ابن عباس هذا إما لعدم علمه بذلك الاختصاص الحاصل له صلى الله عليه وسلم أو يكون قد علم بذلك غير أنه اعتراه ذهول عند ذاك والأول أقرب والله تعالى أعلم.
[كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ينامون ثم يقومون إلخ] هذا ظاهر على ما مهدنا فإن الرطوبة لم تكن قد غلبت على معداتهم حتى يستغرقوا في النوم استغراق أهل زمننا والغلبة على العقل هو الملاك في ذلك وعلى هذا لا تخالف بين الأقوال التي ذكرها الترمذي ههنا فإن الغلبة على العقل وذهاب الاستمساك جريه بعضهم بالرؤيا وبعضهم بالاضطجاع، والمعنى المقصود واحد لكن ينبغي لأحناف زماننا ترك مذهبهم القديم من أنه إذا نام على الهيئة الصلاتية لم تنتقض طهارته إذ كثيرًا ما رأينا من الناس أحدث في نومه جالسًا متربعًا ولم يشعر به.