للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضًا أمر الجماعة أو يقال ليس المراد أنه صلى بهم جماعة بل المعنى صلى لنفسه وصلوا لأنفسهم فرادى والباء للمصاحبة ولا تقتضي الشركة، وإن كان غالب استعمال صلى بهم في صلاة الإمام بالقوم.

قوله [باب ما جاء في الاجتهاد في الصلاة]

فقد علم من حديث الباب أن العبد ليس يبلغ بطاعته وقربه درجة يستغني معها عن الاجتهاد في الطاعات ولا يفتقر إلى زيادة المثوبات، وأما جواب النبي صلى الله عليه وسلم عما قالوا له شفقة عليه ورحمة به، فإنما حاصله أنهم كانوا فهموا أن الجهد في الطاعة يكون رغبة في الثواب أو رهبة عن العقاب، ولما غفر الله ذنبه وأولاه رسالة كافة كان لا له رغبة في نيل الثواب لأنه حاصل، ولا له رهبة عن نيل العقاب لأنه مغفور له، فكان الواجب عليه أن يؤدي فرائضه والواجبات عليه مقتصرًا عليها فلو أجاب عنه بأن اجتهادي ذلك إنما هو لتحصيل درجات عالية لربما توهم بذلك بعض من بعدهم أن الاقتصار على الواجب والفرض كاف في النجاة عن النار والدخول في الجنة، أما الإتيان بالسنن والنوافل، فإنما هو لرفع الدرجات (١) أجاب بأن اجتهادي في طاعته سبحانه ليس إلا رغبة في مزيد كرمه ورهبة عن مكروه كفر نعمه، كما أشار إلى سبحانه {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} إذ الأمر للوجوب، وإنما اختار النبي صلى الله عليه وسلم في الجواب هذا لما في طبائع الناس من الاقتصار على الضروريات (٢)


(١) متفرع على ما سبق يعني لو أجاب بأن اجتهادي لتحصيل الدرجات لتوهم أن الإتيان بالسنن لرفع الدرجات فقط فأجاب بأن الاجتهاد للرغبة والرهبة.
(٢) وهي التي يسلب فيها الاختيار ويجب الإتيان بها من الواجبات وغيرها وليس المراد ههنا المعنى المعروف بضروريات الدين وهو على ما قاله ابن عابدين ما يعرف الخواص والعوام أنه من الدين كاعتقاد التوحيد والرسالة والصلوات الخمس بخلاف فساد الحج بالوطي قبل الوقوف واعطاء السدس الجدة ونحوه مما لا يعرف كونه في الدين إلا الخواص، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>