للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب في النهي عن بيع حبل (١) الحبلة] يحتمل وجهين أن يكون حبل الحبلة مبيعًا والبيع على هذا باطل أو مضروبًا به الأجل لأداء الثمن وعلى هذا التقدير فاسد والفرق بين الفاسد والباطل غير خفي، فإن الباطل غير المشروع بأصله ووصفه كبيع المعدوم والفاسد المشروع بأصله دون وصفه كالبيع على أن يؤتى الثمن حين تنتج نتاج ناقته، والإضافة (٢) على الأول إضافة المصدر إلى مفعوله وعلى الثاني بأدنى ملابسة، فإن البيع الذي ضرب فيه أجل لأداء الثمن فله نسبة إلى ذلك الأجل أيضًا، ثم لا يخفى عليك أن الكراهة على المعنى الثاني إنما هي إذًا أدخل هذا الأجل المجهول في الثمن كما بينا من قبل.

قوله [وبيع الحصاة] هذا البيع وأمثاله، وإن كانت داخلة في بيع الغرر لما أنه لا يبقى فيه للمشتري خيار عيب ولا رؤية ولا له اختيار في رده،


(١) بفتح الباء والحاء فيهما، ورواه بعضهم بسكون الباء، قال عياض: وهو غلط والصواب الفتح، والأول مصدر حبلت المرأة والحبل مختص بالآدميات ويقال في غيرهن من الحيوانات الحمل، قال أبو عبيد: لا يقال لشيء من الحيوانات حبل إلا ما جاء في هذا الحديث والحبلة جمع حابل، كظلمة وظالم، وقيل: الهاء لمبالغة واختلفوا في المراد بحبل الحبلة والمنهي عنه، فقيل: هو البيع بثمن مؤجل إلى أن تلد الناقة ويلد ولدها، وهذا تفسير ابن عمر ومالك والشافعي وغيرهم، وقيل: هو بيع ولد الناقة الحامل في الحال، وبه قال أبو عبيد وأحمد بن حنبل وإسحق بن راهويه، وقال ابن التين، ومحصل الخلاف هل المراد البيع إلى أجل أو بيع الجنين: وعلى الأول هل المراد بالأجل ولادة الأم أو ولادة ولدها وعلى الثاني هل المراد بيع الجنين الأول أو بيع جنين الجنين فصارت أربعة أقوال، كذا في التعليق الممجد، قلت: وحبل الحبلة صريح في جنين الجنين فلا وجه للجنين الأول ولا لولادة الأم.
(٢) أي في بيع حبل الحبلة على كونه مبيعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>