للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صيد المدينة، فعلم أنها ليست حرمًا كحرم مكة. قوله [إنك تداعبنا] قصدوا (١) بذلك استعظامه عن أمثال هذه لما له من فضيلة ومكرمة عند الله وعند الناس، فأجاب بأنه لا ضير فيه ما لم يتضمن كذبًا وخديعة أو إيذاء لمسلم (٢)، فإذا تضمن شيئًا من مناهي الشرع فلا يجوز تعاطيه. قوله [إن رجلاً استحمل] (٣) هبة أو عارية.

[باب في المراء]

قوله [ولا تعده موعدًا فتخلفه والنهي تبزه (٤) فإن


(١) إلى ذلك مال الطيبي وغيره جمع من الشراح، ومال عصام في شرح الشمائل إلى أنه يبعد أن يخطر ببا لهم أنه يصدر عنه صلى الله عليه وسلم مالاً ينبغي فضلاً عن اعتراضهم عليه، كأنهم قصدوا السؤال عن المداعبة هل هي من خصائصه فلا يقتدي به فيها فأجاب بأني لا أقول إلا حقًا، فمن حافظ على قول الحق وتجنب الكذب وإبقاء المهابة والوقار فله أن يمزح.
(٢) ولذا صرحوا بأنه سنة، قال المناوي في شرح الشمائل: دخل الشعبي وليمة فرأى أهلها سكوتًا فقال مالي أراكم كأنكم في جنازة أين القناء أين الدف؟ وقيل لسفيان بن عيينة المزاج محنة، فقال: بل سنة لكن الشأن فيمن يحسنه ويضعه مواضعه.
(٣) أي سأله أن يعطيه حمولة يركبها.
(٤) قال العيني: نبه بقوله إذا وعد أخلف على فساد النية لأن خلف الوعد لا يقدح إلا إذا عزم عليه مقارنًا لوعده، أما إذا كان عازمًا ثم عرض له مانع أو بدا له رأي فهذا لم توجد فيه صفة النفاق، ويشهد لذلك ما رواه الطبراني بإسناد لا بأس به في حديث طويل من حديث سلمان: إذا وعد وهو يحدث نفسه بأنه يخلف، وكذا قال في باقي الخصال، وقال العلماء: يستجب الوفاء بالوعد بالهبة وغيرها استحبابًا مؤكدًا ويكره إخلافه كراهة تنزيه لا تحريم ويستحب أن يعقب الوعد بالمشية ليخرج عن صورة الكذب، ويستحب إخلاف الوعيد إذا كان التوعد به جائزًا ولا يترتب على تركه مفسدة انتهى، ثم قال: إن جماعة من العلماء عدوًا هذا الحديث من المشكلات من حيث إن هذه الخصال قد توجد في المسلم المصدق بلسانه وقلبه مع أن الإجماع حاصل على أنه لا يحكم بكفره ولا ينفاق يجعله في الدرك الأسفل، ثم أجاب عن هذا الإشكال بثمانية وجوه فارجع إليه لو شئت.

<<  <  ج: ص:  >  >>