للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يخفى في كثير من أفعاله صلى الله عليه وسلم لكن يرد على هذا أن أعماله هذه لم تك إلا بأمره تعالى فإن ذلك كان من أفعال النبوة التي لا بد منها فكيف الاستغفار لكن الأمر في ذلك السؤال والجواب سهل (١) فتدبر.

[باب ما جاء في وصف (٢) الصلاة] هذا نظم في سلك البيان للدور التي تناثرت في أبحر الصفحات السابقة.

[إذ جاءه رجل كالبدوي] هذا دفع لما عسى أن يتوهم من أن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين مع فوزهم بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم وصلاتهم معه في أكثر أوقاتهم كيف بقوا غافلين عن طريق الصلاة التي هي عماد الدين، وحاصل الدفع أنا كنا لا نعرفه وكان من غير من فاز بالمذكور فكأنه كان يدويًا ولم يكن يعرف الصلاة إلا كما صلى ولذلك ظن بقوله صلى الله عليه وسلم صل فإنك لم تصل أنه ترك من هذه الأركان المعلومة له شيئًا ولم يعلم به فلذلك عاد وأعاد صلاته لكنه اجتهد شيئًا في أن لا يترك شيئًا مما يعلمه أنه منها فعاد وعاد قوله عليه الصلاة والسلام فيه فعاد إعادته الصلاة حتى إذا ثلث صلاته سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمه الصلاة لأنه علم أن الصلاة المعلومة له ليست بصلاة حقيقة وإلا لم يحكم النبي صلى الله عليه وسلم عليه بقوله: صل فإنك لم تصل فحمل النفي على نفي الذات وأصل الصلاة كما حملته الصحابة على ذلك فعافوا (٣) وكرهوا أن يكون الذي


(١) وذلك لأن كون أمر من الأمور غير مندوب مغائر لفعله صلى الله عليه وسلم إياه لبيان الجواز لاختلاف الجهتين ولولا الاعتبارات لبطلت الحكمة وله نظائر كثيرة في الشرع كالشؤم في بعد الدار عن المسجد مع كونه سببًا لكتابة الآثار ومثل تعوذه صلى الله عليه وسلم من الغرق والحرق وغيرها مع كونها من أسباب الشهادة وغير ذلك مما فيه كثرة.
(٢) واختلفت الروايات في سند هذا الحديث كما يظهر من النظر في كتب الحديث لا سيما أبي داؤد والطحاوي، وذكر شيئًا منه شيخنا في البذل.
(٣) يعني أن الصحابة رضي الله عنهم أجمعين لما حملوا قوله صلى الله عليه وسلم على نفي الصلاة ونفي الذات كرهوا التخفيف وظنوا أن الذي أخف في صلاته كأنه لم يصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>