للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخف في صلاته فكأنه لم يصل، لكن لا يذهب عليك أن التخفيف الذي نهى النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو التخفيف قبل إكمال السنن والواجبات والذي أمر به بقوله إذا أمكم الناس (١) فليخفف، وما عرف من تخفيفه صلى الله عليه وسلم فيما ورد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخف الناس صلاة في تمام فإنما هو التخفيف بعده فالأول مكروه منهي عنه، والثاني مندوب مأمور به عند الضرورة ثم الوارد في كل الحديث صيغ الأمر فما علم بقرينة خارجية أنه ليس للوجوب خرج عن اقتضاء الوجوب وما لم يكن كذلك بقى على أصله، فمن القسم الأول قوله عليه السلام تشهد فأقم أيضًا إذ المراد بالتشهد ههنا الأذان لا غير فنزلاً إلى السنية (٢) لما ثبت في غير هذا المقام ومن ذلك (٣) قوله عليه السلام فتوضأ كما أمرك الله وقوله عليه السلام فإن كان معك قرآن فاقرأ فإن هذين الأمرين على هذه الرواية خرجًا عن الظنية ودخلاً في القطعية عملاً بقوله تعالى {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} الآية، وبقوله تعالى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ}، وكذلك الأمر في أمر السجود والركوع.

وأما أمر الطمأنينة (٤) فلم يتأيد بقرينة تخرجه من الوجوب بل تأيد بقرينة


(١) كذا في الأصل ولفظ الحديث كما في جمع الفوائد عن الستة إذا صلى أحدكم الناس فليخفف، الحديث.
(٢) ومن ذلك أمر تكبيرات الانتقال والتسميع والأمر بوضع اليدين على الركبتين والأمر بالافتراش في الجلوس وغير ذلك من الأوامر الواردة في هذا الحديث عند أبي داؤد وغيره.
(٣) أي من الأمور التي خرج فيها الأمر عن الوجوب لقرينة خارجية فإن هذين الأمرين خرجًا عن الوجوب المصطلح ودخلاً في الفرضية لقرينة خارجية.
(٤) والمسألة خلافية بين الأئمة كما بسطت في الأوجز فقال الشافعي وأبو يوسف وأحمد أنه فرض وقال أبو حنيفة ومحمد: إنه واجب واختلف أصحاب مالك هل ظاهر مذهبه يقتضي أن يكون سنة أو واجبًا إذ لم ينقل عنه نص في ذلك قاله ابن رشد، قلت: ووجوب الطمأنينة هو المرجح عندنا كما حققه ابن عابدين خلافًا لما قيل من سنية الاعتدال في القومة والجلسة فإنه مرجوح.

<<  <  ج: ص:  >  >>