قوله [فالله أحق أن يستحي منه] ومعنى الاستحياء منه تعالى ليس هو الاستتار منه فإنه لا يخفى عليه خافية بل المراد امتثال أمره سرًا كما تمتثله علانية.
[باب في النظافة]
قوله [إن الله طيب يحب الطيب] ينبغي أن يفرق بين الطيب والنظافة أن الأول من الأنجاس والثاني من الأدناس. قوله [فنظفوا أراه قال: أفنيتكم] ولا تشبهوا باليهود فإن عرصات أفنيتهم كانت تبقى متدنسة ملطخة بالنجاسات لما أنهم كانوا أهل دواب وزروع، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وكانوا مثلهم أصحاب زرع ودواب أن لا يدنسوا أفنية دورهم كاليهود.
[باب مام جاء في الاستتار عند الجماع]
أي ما استطاع وتثبت الترجمة بالحديث الوارد فيه بأن الملائكة الحفظة لما لم يفارقوا إلا وقت كشف الستر وجب التقليل في الكشف لئلا يكثر بعدهم.
[باب في دخول الحمام]
قوله [فلا يجلس على مائدة يدار عليهم الخمر] وفي حكمه ما سواه من المعاصي، فعلم بذلك أن لا حضور في وليمة كانت عليها معصية وإن لم تكن على المائدة ففيه تفصيل ذكره في الهداية (١).
(١) ولفظها: من دعي إلى وليمة أو طعام فوجد ثمة لعبًا أو غناء فلا بأس بأن يقعد ويأكل، قال أبو حنيفة: ابتليت بهذا مرة فصبرت، وهذا لأن إجابة الدعوة سنة، قال صلى الله عليه وسلم: من لم يجب الدعوة فقد عصى أبا القاسم، فلا يتركها لما اقترنت به من البدعة من غيره كصلاة الجنازة واجبة الإقامة وإن حضرتها نياحة فإن قدر على المنع منعهم، وإن لم يقدر يصير، وهذا إذا لم يكن مقتدى، فإن كان ولم يقدر على منعهم يخرج ولا يقعد، لأن في ذلك شين الدين، وفتح الباب المعصية على المسلمين، والمحكي عن أبي حنيفة كان قبل أن يصبر مقتدى، ولو كان ذلك على المائدة لا ينبغي أن يقعد وإن لم يكن مقتدى لقوله تعالى: {فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} وهذا كله بعد الحضور، ولو علم قبل الحضور لا يحضر لأنه لم يلزمه حق الدعوة بخلاف ما إذا هجم عليه لأنه قد لزمه، ودلت المسألة على أن الملاهي كلها حرام حتى التغني بضرب القضيب، وكذا قول أبي حنيفة: ابتليت لأن الابتلاء بالمحرم يكون، انتهى. وقريب منه ما في الدر المختار وغيره من كتب الفروع.