للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضهم من مذهبه ظاهر إلا أنه يبعد من هذا البحر المدره التحرير أن يخفى عليه هذا الحكم الذي لا يكاد يخفى على جليل ولا حقير كيف، ومن أهل التفسير من ذهب إلى أن المراد باللمس في الآية هو الوطى لا المس ويروى هذا التفسير عن ابن مسعود أيضًا فالحق أنه رضي الله تعالى عنه لم ينكر أصل شرعية التيمم للجنب ومن في حكمه وإنما أراد رد العوام عما هم عليه من المبادرة إلى التيمم بأدنى ما يعتري لهم من المرض وغيره وإن لم يبلغ إلى حد يبيح التيمم وهذا الذي ذكرنا هو الظاهر لمن تتبع آثاره وأقواله وجعل يتفحص أحواله وأفعاله ثم في صنيعه رضي الله تعالى عنه دلالة على أن بعض المسائل الشرعية يجوز أن يخفى عن العوام إذا تضمن إظهاره عليهم مفسدة أو كان في إخفائه عنهم مصلحة مرصدة فأفهم.

[باب في المستحاضة (١)] اعلم أن مسألة المستحاضة قد تحيرت فيها الأفهام (٢) وزلت فيها الأقدام قد تشتت فيها آراء العلماء واختلفت فيها أقوال الفقهاء وقد


(١) أصلها من الحيض لحق الزوائد للمبالغة، وقيل للتحول من دم الحيض إلى غير الحيض ولا يستعمل فعلمها إلا ببناء المجهول يقال استحيضت المرأة فهي مستحاضة وحكمها حكم الطاهرات في العبادات إجماعًا وكذا في الوطى عند الجمهور، هكذا في الأوجز.
(٢) قد أقر العلماء الفحول بالتحير فيها وأفرادوا التصانيف فيها ومع ذلك كله لم تفتح بعد مقفلاتها ولم تنحل مشكلاتها، قال ابن العربي: وما أبصر بصري وبصيرتي في إقامتي ورحلتي من يقوم على مسائل الحيض إلا واحدًا من علمائنا وهو أبو محمد إبراهيم بن أمدية المقدسي فإنه كان جعلها سمير عينيه ولديم فكره حتى استقل بأعبائها وفتح مقفلاتها وحصل فروعها غير أن أحاديثها والقول عليها ربما قصد فيها، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>