للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب في الرجلين يكون أحدهما أسفل من الآخر في الماء]

قوله [سرح الماء يمر] يعني أنها كانت قليلة الماء لا بحيث تسقي الأشجار والبساتين سائلة بل كانت بحيث لو سدت كفت وإلا لا، والمسألة فيه أن يسد فمه حتى إذا استقت بساتين الجانب الأعلى وبلغ الماء إلى الجدر أرسل الماء إلى ما أسفل منه إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم راعي جانب الأنصاري فأمر الزبير بأمر لا يستضر به أحد منهما فقال إسق أشجارك قدر ما تأمن به عليها ولا تأخذ كل حقك ثم أرسل الماء إلى الأنصاري حتى إذا أخذ كل حقه خذ ما بقى لك من الحق إلا أن الأنصاري لما لم يرض به أمر النبي صلى الله عليه وسلم زبيرًا بما هو القول الحق الذي لا رعاية فيه لأحد وبهذا يعلم جواز (١) الحكم بتفويت حق من يعتمد عليه القاضي أنه يرضى بحكمه ذلك وكان فيه رعاية للآخر وهذا في الحقيقة دفع لمظنة التهمة عن نفسه.

قوله [فعضب الأنصاري] قالوا كان منافقًا وعندي (٢) لا يقدم على هذا


(١) وقريب منه ما قال الحافظ بعد بسط الكلام في ذلك مجموع الطرق دال على أنه أمر الزبير أولاً أن يترك بعض حقه وثانيًا أن يستوفي جميع حقه وقال أيضًا أن للحاكم أن يشير بالصلح بين الخصمين ويأمر به ويرشد إليه ولا يلزمه به إلا إذا رضى وأنه يستوفي لصاحب الحق حقه إذا لم يتراضيا، وقال العيني في فوائد الحديث وفيه إرشاد الحاكم إلى الإصلاح قال ابن التين مذهب الجمهور أن القاضي يشير بالصلح إذ رآه مصلحة ومنع ذلك مالك وعن الشافعي في ذلك خلاف والصحيح جوازه وفيه أن للحاكم أن يستوفي لكل واحد من المتخاصمين حقه إذا لم ير قبولاً منهما للصلح، انتهى.
(٢) هذا هو الحق لا سيما وقد ورد في بعض روايات البخاري أنه كان بدريًا، قالل التوريشي وقد أجترأ جمع من المفسرين بنسبة الرجل تارة إلى النفاق وأخرى إلى اليهودية وكلا القولين زائغ عن الحق إذ قد صح أنه كان أنصاريًا ولم يكن الأنصار من جملة اليهود، والأولى بالشحيح بدينه أن يقول إن هذا قول أزله الشيطان فيه بتمكنه عند الغضب وغير مستبعد من الصفات البشرية الابتلاء بأمثال ذلك، انتهى مختصرًا، وسيأتي البسط في ذلك من كلام الشيخ في كتاب التفسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>