فإنه لما أخذ رطبًا قدر صاع ووعد أن يعطيه صاعًا من التمر بعد زمان فلا ريب في أنه يصل إليه أكثر من المقدار الذي أعطاه، وكذلك من أخذ تمرًا ليعطيه صاعًا من الرطب، فإن لآخذ التمر فضل مقدار ليس لصاحبه ذلك ولا كذلك في النقد، وإذا كان يدًا بيد، فان للحاضر العاجل من المزية ما ليس لغيره فاحتمل في النقد ما لا يحتمل في النسيئة.
[باب في كراهية بيع الثمرة قبل أن يبدو صلاحها]
هذا إذا كان مقصوده الثمرة الصالحة، وأما إذا قصد غير الصالحة كما هو الآن أي وقت البيع فلا كراهة إلا أنه ليس (١) له أن يتركه على الشجر، وذلك لأن المشتري لعله قصد به منفعة غير الأكل، قوله [كرهوا بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها] أي إذا كان المبيع هي الثمار لا كما هو الآن، وإن كان المبيع هو الذي ليس بصالح لأكل الأناسي وقصده المشتري كذلك فلا كراهة حينئذ إلا أنه يؤمر بجذاذه الآن ولا ياباه لفظ الحديث بل فيه إشارة إلى ذلك إذ المنهي بيع العنب والحب وإنه لم يبع الحب ولا العنب وإنما باع غيرهما.
(١) صرح بهذا التفصيل محمد في موطأه وفي هامشه لا خلاف للعلماء في جواز بيع الثمار بعد بدو الصلاح واختلفوا في تفسيره، فعندنا هو أن يأمن العاهة والفساد، وعند الشافعي ظهور الصلاح بظهور النضج ومبادئ الحلاوة والبيع بشرط القطع قبل بدو الصلاح يجوز فيما ينتفع به اتفاقً وبشرط الترك لا يجوز بالاتفاق وإذا اشتراها قبل بدو الصلاح مطلقًا من غير اشتراط الترك ولا القطع، فقال الشافعي وأحمد: مبطل وهو قول لمالك ووافق في قوله الثاني أبا حنيفة في جواز البيع، والبيع بعد بدو الصلاح على ثلاثة أوجه ثم بسطهما وزاد في الإرشاد الرضى عمن اشترى بالبيع الفاسد فهو جائز على قول الكرخي إذا لحق البيع الصحيح الفاسد فصحيح.