(٢) وحكى القاري عن بعض العلماء أنه لم يرد به أنه ينبغي أن يحي الميت بهذه الصيغة إذ قد سلم صلى الله عليه وسلم على الأموات بقوله: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنما أراد به أن هذا تحية تصلح أن يحيى بها الميت لا الحي، وذلك لمعنيين: أحدهما أن تلك الكلمة شرعت لجواب التحية، ومن حق المسلم أن يحيي صاحبه بما شرع له من التحية، فيجيب صاحبه بما شرع له من الجواب، فليس له أن يجعل الجواب مكان التحية، وأما في حق الميت فإن الغرض من التسليم عليه أن تشمله بركة السلام، والجواب غير منتظر هنالك، فله أن يسلم عليه بكلتا الصيغتين، والآخر أن إحدى فوائد السلام أن يسمع المسلم المسلم عليه ابتداء لفظ السلام ليحصل الأمن من قبل قلبه، فإذا بدأ بعليك لم يأمن حتى يلحق به السلام، بل يستوحش ويتوهم أنه يدعو عليه، فأمر بالمسارعة إلى إيناس الأخ المسلم بتقديم السلام، وهذا المعنى غير مطلوب في الميت فساغ للمسلم أن يفتح من الكلمتين بأيتهما شاء، وقيل: إن عرف العرب إذا سلموا على قبر قالوا: عليك السلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: عليك السلام تحية الميت على وفق عرفهم وعادتهم، لا أنه ينبغي أن يسلم على الأموات بهذه الصيغة، انتهى. فعلى الأخير يحمل على عرف خاص أو على جهل الرجل بالعرف، والجاهل بمنزلة الميت، فما أحسن موقع كلامه صلى الله عليه وسلم: عليك السلام تحية الميت، وفي المجمع: هذه إشارة إلى ما جرت به عادتهم في المرائي كانوا يقدمون ضمير الميت على الدعاء، وذلك لأن المسلم على القوم يتوقع الجواب بعليك السلام، فلما كان الميت لا يتوقع منه جواب جعلوا السلام عليه كالجواب.