للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمرنا بوضع الركبتين قبل اليدين رواه ابن خزيمة (١) وإنما احتاجوا إلى الجواب والتكلف في تأويل حديث الباب جمعًا بين الروايات منها ما تقدم أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد يضع ركبتيه قبل يديه ومنها ما ذكرنا من حديث مصعب بن سعد.

[باب ما جاء في السجود على الجبهة والأنف]

لا خلاف (٢) بين أئمتنا الثلاثة في أن وضع الجبهة وحدها يجزئ في الصلاة لأن السجود لغة هو وضع الجبهة على الأرض وهو حاصل بوضع الجبهة دون الأنف والستة (٣) بيان السنة وإنما الخلاف في إجزاء الأنف وحدها فجوزه الإمام ومنعه صاحباه وله أن الوارد في بعض الروايات لفظ الوجه والغرض من السجدة التي هي إظهار الذل حاصل فيه فكان الصلاة مؤداة مع الكراهة التحريمية إن كان ذلك الاختصار من دون عذر ومع كراهة تنزيهية إن كان يمكنه الاحتراز وبلا كراهة إن لم يكن وعلى هذا لا يرد على الإمام ما يلزم في ظاهر النظر من وضع الخد والذقن لإطلاق الوجه عليه إذ ليس فيه إظهار التذلل الذي هو غاية للسجود وإنما ذلك لسخرية (٤) واستهزاء.


(١) وابن حبان أيضًا كما قاله ابن رسلان.
(٢) السجدة واجبة على الأعضاء السبعة الواردة في الحديث عند الشافعي في أظهر قوليه وزفر ورواية لأحمد، وفي الأخرى له، وبه قال مالك والحنفية لا يجب غير الوجه والبسط فيما ألفته في اختلاف الأئمة في الصلاة ثم في الوجه يجمع الجبهة والأنف وجوبًا عند أحمد في رواية وبعض المالكية وهو قول للشافعي كما في النيل والمغنى ويجوز الاقتصار على الجبهة في روايات أخرى لهم، وأما عند الحنفية ففي البذل عن المنية يجوز الاقتصار على الأنف عند الإمام ويكره بدون العذر وقالا لا يجوز إلا لعذر.
(٣) أي الأعضاء الستة الباقية في الحديث بيان للسنة.
(٤) ولذا لو سجد ولم يضع قدميه أو أحديهما لا يجوز السجود لا لأنه فرض بل لأنه شابه السخرية كما بسط في حاشية البحر.

<<  <  ج: ص:  >  >>