(٢) بوب البخاري في صحيحه باب النهي عن التنفس في الإناء وذكر فيه حديث أبي قتادة مرفوعًا إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء الحديث، ثم بوب باب الشرب بنفسين أو ثلاثة، وذكر فيه حديث أنه كان يتنفس في الإناء مرتين أو ثلاثًا، وزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنفس ثلاثًا، قال الحافظ: كأنه أراد (بالترجمة) أن يجمع بين حديث الباب والذي قبله لأن ظاهرهما التعارض إذ الأول صريح في النهي عن التنفس في الإناء، والثاني يثبت التنفس فحملهما على حالتين، فحالة النهي على التنفس داخل الإناء، وحالة الفعل على من تنفس خارجه، فالأول على ظاهره من النهي، والثاني تقديره كان يتنفس في حالة الشرب من الإناء، قال ابن المنير: أورد ابن بطال سؤال التعارض بين الحديثين وأجاب بالجمع بينهما فأطنب، ولقد أغنى البخاري عن ذلك بمجرد لفظ الترجمة، إلى آخر ما بسطه. (٣) قال العيني: نهى أدب وذلك أنه إذا فعل ذلك لم يأمن أن يبرز من فيه الريق فيخالط الماء فيعافه الشارب. وربما يروح بنكهة المتنفس إذا كانت فاسدة، والماء للطفه ورقة طبعه تسرع إليه الروائح، ثم إنه يعد من فعل الدواب إذا كرعت في الأواني جرعت ثم تنفست فيها ثم عادت فشربت، وإنما السنة أن يشرب الماء في ثلاثة أنفاس كلما شرب نفسًا من الإناء نحاه عن فمه، ثم عاد مصًا له غير عب إلى أن يأخذ ريه منه، والتنفس خارج الإناء أحسن في الأدب وأبعد عن الشره وأخف للمعدة، وإذا تنفس فيه تكاثر الماء في حلقه وأثقل معدته، وربما شرق وأذى كبده وهو فعل البهائم، وقيل: في القلب بابين يدخل النفس من أحدهما ويخرج من الآخر فيبقى ما على القلب من هم أوقذى، ولذلك لو احتبس النفس ساعة هلك الأدمي، ويخشى من كثرة التنفس في الإناء إن يصحبه شيء مما في القلب فيقع في الماء ثم يشربه فيتأذى به.