للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعده أشد منه، وأما المؤمن فلا يعذب وإنما يكون ما يرد عليه إصلاحًا له (١)، قلت: يمكن أن يكون معناه أن العذاب المقدر للمؤمن العاصي كان على قدر من الله تعالى، ثم إذا عذب في القبر يقل من ذلك المقدار المعين شيء ما لا محالة، ولا يلزم بذلك أن يكون ما بعد القبر أيسر منه، لأن حقيقة العذاب لما كانت هي في جهنم لا غير، وما في القبر ظل منه ومستفاد لا يبعد أن يكون العذاب الذي بعد القبر أشد من عذاب القبر للمؤمن والكافر كليهما، ولا ينافي هذا تخفيف العذاب عن جنايات المؤمن وخطيئاته، لكن الأستاذ أدام الله إفاضته لم يرض بهذا الجواب.

[باب ما جاء في إنذار النبي صلى الله عليه وسلم قومه]

قوله [يا فاطمة بنت محمد إلخ] لعله (٢) صلى الله عليه وسلم ذكر بناته الأخر لكن الراوي لم يذكر، ويمكن أن


(١) أي تطهيرًا لهم كما هو معروف عند أهل الفتن، صرح بذلك جمع من أهل التفسير في مواضع من كتبهم، قال الصاوي: تحت قوله تعالى {وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ} أي ذو هوان وذل ولا يوصف بذلك إلا عذاب الكافر، وأما ما يقع للعصاة في الدنيا من المصائب، وفي الآخرة من دخول النار فهو تطهير لهم، انتهى.
(٢) ويؤيد هذا الجواب، ما في در السيوطي برواية الطبراني وابن مردويه عن أبي أمامة، قال لما نزلت {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤)} جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بني هاشم فأجلسهم على الباب، وجمع نساءه وأهله فأجلسهم بالبيت فذكر حديثًا طويلاً فيه نداء عائشة، وحفصة، وأم سلمة، وفاطمة، وأم الزبير، لكن أورد عليه الحافظ في الفتح بأن القصة وقعت بمكة للتصريح في الأحاديث بأنه صعد الصفا، ولم تكن عائشة وحفصة وأم سلمة عنده إلا بالمدينة، ثم أجاب باحتمال تعدد النزول كما قال بعضهم، وبجواز أن جمعهم هذا لم يكن على الفور، وبأنه يحتمل أنه نزل أولاً {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤)} فجمع قريشًا، فعم وخص، ثم نزل {ورهطك منهم المخلصين} فخص بذلك بني هاشم ونساءه، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>