للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب لتركبن سنن من كان قبلكم]

قوله [يعلقون عليها أسلحتهم] وكان يوم فرحهم وسرورهم يأكلون ويشربون ثمة ويلعبون ثم يرجعون، فعلم السائلون رحمهم الله تعالى أنه ليس فيه شيء يرتكب محرمًا، ولا شركًا أو كفرًا، إذ لم يكونوا يعبدون (١) ثمة شيئًا فسألوه أن يجعل لهم ذات (٢) أنواط يعلقون عليها أسلحتهم ويفعلون مثل ما يفعلون. قوله [فقال النبي صلى الله عليه وسلم سبحان الله هذا إلخ] يعني إن هذا مثل سؤال قوم موسى في كونه سؤالاً عما لا يجدي شيئًا، ولا يكون إلا سببًا لما فوقه من اللهو واللعب حتى تصل النوبة إلى الكفر والشرك كما يشاهد في زماننا هذا، فهذا الذي أخافهم النبي صلى الله عليه وسلم عنه فقال: لتركبن سنن من كان قبلكم، يعني إن سؤالكم هذا قد أعلم بما في القلوب من البدع والأهواء، وأنتم لما سألتم ذلك ورغبتم فيه وأنتم خير القرون التي سلفت، وخير القرون الآتية فكيف بالذين لم يأتوا بعد.

[باب في انشقاق القمر]

قوله [انفلق القمر] أي بسؤالهم (٣) ذلك معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم لما علموا أن السحر لا يؤثر على السماء فإن كان ساحرًا لم يقدر عليه


(١) قلت: لكن ذكر السيوطي في الدر برواية ابن أبي شيبة وأحمد وابن جرير وغيرهم عن أبي واقد هذه القصة، وفيها: وكان الكفار ينوطون سلاحهم بسدرة ويعكفون حولها وفي رواية أخرى من رواية الطبراني وغيره كان يناط بها السلاح فسميت ذات أنواط وكانت تعبد من دون الله فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم حرف عنها في يوم صائف إلى ظل هو أدنى منها، الحديث.
(٢) قال المجد: ناطه نوطًا علقه، وانتاط تعلق والأنواط المعاليق وككتاب معلق كل شيء جمعه أنواط، والنوط ما علق من شيء سمى المصدر جمعه أنواط ونياط، انتهى مختصرًا.
(٣) فقد بوب البخاري في صحيحه ((باب سؤال المشركين أن يريهم النبي صلى الله عليه وسلم آية فأراهم انشقاق القمر)) وحكى الحافظ عن أبي نعيم في الدلائل من وجه ضعيف عن ابن عباس قال: اجتمع المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم الوليد بن المغيرة وأبو جهل والعاص بن وائل والأسود بن المطلب والنضر بن الحارث ونظراؤهم فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن كنت صادقًا فشق لنا القمر فرقتين فسأل ربه فأنشق، وقال صاحب الخميس: وفي السنة التاسعة من المبعث كان انشقاق القمر، وحكى عن السبكي الصحيح عندي أن انشاق القمر متواتر منصوص عليه في القرآن مروي في الصحيحين وغيرهما من طرق شتى بحيث لا يمتري في تواتره، انتهى. وزاد في الإرشاد الرضى أن هذه المعجزة كانت بينة شائعة حتى صارت سببًا لإسلام بنت راجه إندور في الهند.

<<  <  ج: ص:  >  >>