للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحفظ الأموال لما كان بها، فكأنها تسعى بهم، أو المراد بالساعي (١) هو الزعيم والكفيل فإن لكل قوم زعيمًا يسعى لهم. قوله [فأما اليوم فما كنت أبايع (٢) منكم إلخ] ليس تنصيصًا على أن كل أهل زمانكم صاروا خائنين، بل المراد أن الخيانة قد تلوث بها الناس، وإن لم يفش فشوها في القرن الرابع فلا يعتمد إلا على من عومل به فظهر بعد ذلك أنه أمين، وأما المعاملة لكل أحد فلم تبق كما كانت في زمان أول من هذا، وبذلك يصح قوله (٣): وأنا أنتظر الآخر فإن رفع الأمانة لم يكن ظهر بعد كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم.


(١) وبذلك جزم جمع من شراح الحديث، قال العيني: وإن كان كافرًا فساعيه وهو الوالي، وهو الذي يسعى له أي الوالي عليه يقوم بالأمانة في ولايته فينصفني ويستخرج حقي منه، وكل من ولى شيئًا على قوم فهو ساعيهم مثل سعاة الزكاة، انتهى.
(٢) قال ابن التين: تأوله بعضهم على بيعة الخلافة وهو خطأ، فكيف يكون ذلك وهو يقول لئن كان نصرانيًا إلخ، والذي عليه الجمهور وهو الصحيح أنه أراد به البيع والشراء المعروفين (*)، يعني كنت أعلم أن الأمانة في الناس فكنت أقدم على معاملة من أثق غير باحث عن حاله وثوقًا بأمانته، وأما اليوم فقد ذهبت الأمانة فلست أثق اليوم بأحد أو تمنه على بيع أو شراء إلا فلانًا وفلانًا، يعني أفرادًا من الناس قلائل أعرفهم وأثق بهم، كذا في العيني. وتقدم قريبًا منه في كلام الحافظ، وقال الحافظ: يحتمل أن يكون ذكر فلانًا وفلانًا بهذا اللفظ، ويحتمل أن يكون سمى اثنين من المشهورين بالأمانة إذ ذاك فأبهم الراوي.
(٣) جواب عما يرد من أنه إذا لم ير الحديث الآخر وهو ينتظره فكيف ترك المعاملة معهم؟ وحاصل الجواب أنه ينتظر استكماله وظهرت آثاره.
(*) وبه جزم النووي في شرح مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>