للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤلف أولاً بحسنه.

[باب ما ذكر في الالتفات في الصلاة]

.

الالتفات (١) على ثلاثة أقسام أن يكون بمؤخر العين أو بلفت (٢) الوجه أو الصدر، ولما (٣) قال النبي صلى الله عليه وسلم يا بني إياك والالتفات في الصلاة، وقال أيضًا حين سئل عنه: هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة الرجل، وكان الاختلاس على أقسام، اختلاس الشيء نفسه فلا يبقى عندك منه شيء والاختلاس بحيث لا يذهب منه شيء والاختلاس بحيث يبقى أكثره، وكان المراد في أكثر الأمر عن الشيء إذا أطلق الفرد الكامل منه، فكان يظن بمفهوم هذين الحديثين فساد الصلاة بالالتفات إذا الكامل من الاختلاس هو القسم الأول من الأقسام الثلاثة التي ذكرناها ويظن أيضًا حرمة الالتفات في الصلاة نظرًا إلى قوله: يا بني إياك والالتفات في الصلاة، دفع هذا كله بالالتفات في الصلاة فثبت بفعله ذلك أن المراد بالاختلاس ليس هو القسم الأول منه، وأن الالتفات في الصلاة ليس إلا منافيًا لخشوعه وخضوعه، وهذا إذا لم يكن معه تحويل للصدر من القبلة. ولا يبعد أن يقال: حكم الاختلاس على الالتفات مشعر بزيادته ونقصه، فإن كان الالتفات بالغًا نهايته كان الاختلاس كذلك فعلم بذلك فساد الصلاة بتحويل الصدر عن القبلة، وإن لم يبلغ الالتفات نهايته بأن اكتفى بلفت الوجه لم تبلغ الخلسة غايتها وينتفي الحضور، ثم للحضور وعدمه مراتب كما للالتفات وعدمه، ومع ذلك فقد ثبت منه صلى الله عليه وسلم بعض أقسامه، فكان تصريحًا (٤) بما علم من تلك الجزئيات بهذه الكلية، والذي لم يثبت منه صلى الله عليه وسلم من


(١) ففي الدر المختار، يكره الالتفات بوجهه كله أو بعضه للنهي، ويبصره يكره تنزيهًا وبصدره تفسد، انتهى.
(٢) قال المجد: لفته يلفته لواه، انتهى.
(٣) حرف شرط جزاؤه قوله: فكان يظن.
(٤) هكذا في الأصل، والظاهر أن اسمه ضمير يرجع إلى ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم، فكان ما ثبت تصريحًا بهذه الكلية لما علم من هذه الجزئيات.

<<  <  ج: ص:  >  >>