للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه دون الذائب، قوله [فإن الشيطان يأكل بشماله] فيه دلالة على أن من لم يكن موجودًا بين يديه من الكفرة وغيرهم لم يجز التشبه بهم فإن حضور من يلزم به الشبه غير مشروط في حرمة التشبه، فإن الشيطان ليس بمعلوم ومحسوس أين هو؟ ولا يدرك صنعه هذا بحالة ومع ذلك فقد نهينا عن اختيار فعله فلو فلم يكن في قرية من اليهود أحد لم يجز لأهل تلك القرية اختيار عاداتهم وحركاتهم في قيامهم وقعودهم وكذلك في كثير من الأمور، فأفهم واغتنم فإنه يفيد فوائد والله أعلم.

[باب ما جاء في لعق الأصابع]

اعلم أن في بعض أجزاء الطعام بركة وفضلاً على بعض آخر منها كما أن في بعض أفعال الطاعم وحركاته بركة على بعض آخر منها وكل غير معلوم التعين ومعنى الحديث يحتمل الأمرين كليهما فلك أن تحمله على بركة أجزاء (١) الطعام ولك الصورة الثانية إلا أن بعض ألفاظ الحديث آب عن بعضها ولا يتوهم أن هذا تحضيض على كثرة الأكل (٢) لأنها مع كونها


(١) وهو الأوجه لما ورد في روايات عديدة بسطها الحافظ في الفتح، من نص قوله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يدري في أي طعامه البركة، قال ابن دقيق العيد جاءت هذه العلة مبينة في بعض الروايات، وقد يعلل بأن مسحها قبل ذلك فيه زيادة تلويث لما يمسح به مع الاستغناء عنه بالريق لكن إذا صح الحديث بالتعليل لم يعدل عنه، قال الحافظ: قد يكون للحكم علتان فأكثر والتنصيص على الواحدة لا ينفي غيرها وقد أبدى عياض علة أخرى فقال: إنما أمر بها لئلا يتهاون بقليل الطعام، انتهى.
(٢) لأنه لا يدري أن البركة فيما أكل أو فيما بقى في الصحفة بل في القدر فلا يحصل اليقين إلا بتنفيذ ما في الصحفة والقدر وغيرها كلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>