المحتال عليه وقت الحوالة غنيًا وكان بخلافه وإذا كان غنيًا وقت الحوالة ثم أفلس فلا، ولكن يمكن إرجاعها إلى ما ذهبنا إليه بأن له الرجوع إذا ظن المحتال عليه غنيًا فظهر خلافه أي سواء كان فقره طارئًا أو دائمًا، يعني سواء كان غنيًا وقت الحوالة ثم أفلس أو كان فقيرًا حين قبل الحوالة، قوله [ومعنى هذا الحديث أن يقول إلخ] قد بينا لك من قبل أن اشتراط القول يحتاج إليه في موضع لم يتعارفوا ذلك، وأما إذا كان معروفًا لهم كالعرب فلا يفتقر إليه.
[باب ما جاء في السلف في الطعام والثمر]
ويعلم مما سبق من نهى بيع الحيوان بالحيوان نسيئة عدم جواز السلم في الحيوان لتفاوت فاحش بين أفراد نوع واحد منه لأنه لا ينضبط مع بيان صفته أيضًا فكم بين مهزول ومهزول ثم إن قوله صلى الله عليه وسلم في كيل معلوم ووزن معلوم يقتضي تقدم العلم بجنس المسلم فيه وصفته وقدره فأن أريد بالوزن والكيل الموزون والمكيل فهو ظاهر وإن أريد بهما الكيل والوزن كما هو الحقيقة فبدلالة النص لأن العلم بقدره لما كان واجبًا كان العلم بجنسه وصفته أوجب، وقوله إلى أجل معلوم يدل بإشارته إلى أن الواجب فيه أن يكون مؤجلاً لا كما ذهب إليه الشافعي من جواز السلف ولو حالاً وله أن يعتذر بأن ذكر الأجل لكونهم كانوا يسلفون كذلك وللبناء على الغالب لا لأن السلف لا يكون إلى أجل ثم إن تقدير الأجل بالشهر أقرب إلى القياس لما فيه من تمكن المسلم إليه في رأس مال (١) السلم ولأنهم كانوا يسلفون بعد بدو الثمار ومن
(١) ويطلق رأس المال على الثمن والمعنى أنه يقدر في هذه المدة بالتصرف في الثمن على تحصيل المسلم فيه قال صاحب الهداية: لا يجوز السلم إلا مؤجلاً، قال ابن الهمام، وبه قال مالك وأحمد ثم قال صاحب الهداية، وقال وقال الشافعي يجوز حالاً لإطلاق الحديث، ولنا قوله صلى الله عليه وسلم إلى أجل معلوم ولأنه شرع رخصة دفعًا لحاجة المفاليس فلا بد من الأجل ليقدر على التحصيل فيه.