(٢) اختلف في حقيقته فقيل: هو صافي بن الصياد أو الصائد ومولده المدينة، هذا بناء على أن ابن الصياد والدجال واحد، والأصح أنه غيره كما سيأتي. وعلى هذا فأما هو شيطان موثق ببعض الجزائر، أو هو من أولاد شق الكاهن المشهور، أو هو شق نفسه وكانت أمه جنية عشقت أباه فأولدها شقًا، وكانت الشياطين تعمل له العجائب، فحبسه سليمان النبي عليه السلام ولقبه المسيح وصفته الدجال، هكذا في الإشاعة والبسط في الفتح. (٣) فقد قال الحافظ: قد استشكل إنذار نوح قومه بالدجال مع أن الأحاديث قد ثبتت أنه يخرج بعد أمور ذكرت، وأن عيسى يقتله بعد أن ينزل من السماء فيحكم بالشريعة المحمدية، والجواب أنه كان وقت خروجه أخفى على نوح ومن بعده فكأنهم أنذروا به ولم يذكر لهم وقت خروجه فحذروا قومهم من فتنة ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم في بعض طرقه: إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه، فإنه محمول على أن ذلك كان قبل أن يتبين له وقت خروجه وعلاماته فكان يجوز أن يخرج في حياته صلى الله عليه وسلم، ثم بين له بعد ذلك حاله ووقت خروجه فأخبر به فبذلك تجتمع الأخبار، وقال ابن العربي: إنذار الأنبياء تحذير من الفتن وطمأنينة لها حتى لا يزعزعها عن حسن الاعتقاد، وكذلك تقريب النبي صلى الله عليه وسلم له زيادة في التحذير، انتهى. قلت: فكأن رأي الشيخ موافق لابن العربن، وقال القارئ: ويحتمل أن الإبهام إنما وقع بسبب أن العلاقات قد يكون وجودها معلقًا بشرط فإذا قد يتصور خروجه بعدم ظهورها، ونظيره خوف الأنبياء والمرسلين صلوات الله تعالى عليهم أجمعين مع تحقق عصمتهم، أو لأنه لا يجب على الله تعالى شيء وأفعاله لا تعلل، والأسباب لا يتعين وجودها ولا تأثير لها بعد حصولها، انتهى.