للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السؤال والجواب ليس على المطابقة بينهما فإن ظهور المهدي لا يشفيهم عما سألوه إذ ذلك لا ينفي الحدث، والجواب أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان أخبرهم بخيرية القرن الذي هو فيه ثم بخيرية من بعدهم، وهكذا إلى ثان وثالث، علموا بوقوع الأحداث بعد ذلك فخافوا أن تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون، فكان ذلك شفقة منهم على أمة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم وحسرة على حالهم أن يفاجئهم الموت في حال غفلتهم واشتغالهم بما لا ينفعهم في غدهم، فدفعه النبي صلى الله عليه وسلم بإظهار ظهور المهدي (١) إذ ذاك، فيزكيهم ويعلمهم ويطهرهم عن دنس البدعات ويكلمهم، فلا يهلك الأمة بأسرها غافلة عن ربها لاهية في زهرة الدنيا وحبها، ويمكن أن يقال في الجواب أنهم لما علموا أن كل يوم شر من الأمس فكان مقتضى ذلك أن يضل الآخرون شر ضلالة لما رووا عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ثم يفثو الكذب إلخ، وكذلك ما رووا في الروايات الأخر من أحوال هذه الأمة الذين لم يأتوا بعد فخافوا على إخوانهم المسلمين بابًا لهم (٢) في هاتيك الضلالات، ومن ذا الذي ينبههم عن سنة الغفلات مع وفور الشرارات وتزايد الجهالات على مر الشهور والسنوات، فسلاهم النبي صلى الله عليه وسلم بأن بين حال المهدي الذي هو آخر مجددي هذه الأمة، وبذلك علم حال ما يقدمه من الزمان دلالة، فإن ظهور الهداة في ذلك الزمان الذي هو غاية في الضلال والغواية وظهور الفتن


(١) قال الدمنتي: قال الرافعي في تاريخ قزوين أورده الخطيب في تاريخ بغداد في ترجمة أمير المؤمنين المهدي العباسي فكأنه أشار لحمل الحديث عليه، انتهى. قلت: ولا يخفي ما فيه، وهذا أحد الأقوال الأربعة التي ذكرها صاحب الإشاعة في المهدي، والصحيح أنه رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم يخرج في آخر الزمان، وقد ملئت جورًا فيملئوها قسطًا وعدلاً كما عليه أكثر الأحاديث.
(٢) هكذا في الأصل، ويحتمل أن يكون ما بالهم أي ما يكون حالهم إذ ذاك، أو يكون ما نابهم أي ما يصل إليهم من الحوادث، أو با بانتهم وإبانة الرجل كل أصحابه، أو بابالتهم والإبالة الجماعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>