يجوز كونه على زنة الفاعل فالمعنى أنه مفسر للآية التي يفهم منها الغسل وتفسيره إياها بيانه أن الغسل إنما هو عند عدم التخفف أو المعنى أن هذا الحديث مفسر لسائر الروايات المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح فإنها تحتمل أن تكون حكاية لما قبل نزول المائدة لا بعده فهذا الحديث يبين أنها حكاية لما قبله وما بعده معًا لا أنها مقصورة لحكاية مسحه عليه الصلاة والسلام قبل نزول المائدة ويجوز كونه على زنة المفعول والمعنى أن جريرًا فسره بكونه حكاية لفعله صلى الله عليه وسلم بعد المائدة فليس فيها احتمال النسخ أو التأويل والتخصيص وعلى هذا فالمفسر مستعمل بالمعنى المصطلح عليه لأهل الأصول، ثم إن حديث المسح على الخفين قد بلغ الاشتهار بحسب المعنى بل ادعى بعضهم (١) تواتره ولا ينكر فجاز نسخ عموم الآية بها وإنما يفتقر إلى القول بالنسخ على القول بأن قرأتي النصب والجر في لفظ أرجلكم محمولتان على الغسل وهو الحق، وأما ما اشتهر بينهم من أن النصب فيه يدل على الغسل عطفًا على الوجوه والخفض على المسح عطفًا على الرؤس فلا يفتقر فيه إلى القول بالنسخ وإنما حملوا القراءتين على حالتي التخفف وعدمه لما أن القراءتين في حكم الآيتين إلا أن المحققين ردوا هذا
(١) صرح به جمع من أهل الأصول وروى عن أبي حنيفة أخاف الكفر على من لم ير المسح على الخفين، وقال أبو يوسف: خبر المسح يجوز نسخ الكتاب لشهرته، وعن ابن المبارك ليس في المسح عليهما عن الصحابة اختلاف لأن كل من روى عنه إنكاره روى إثباته وسئل أنس بن مالك عن علامات أهل السنة والجماعة فقال: إن تحب الشيخين ولا تطعن الختنين وتمسح على الخفين، كذا في الأوجز، وقال ابن العربي: هي سنة قائمة وشريعة صحيحة لا ينكرها إلا مبتدع وقد روى عن مالك إنكارها ولم يصح فلا يلتفت إليه ما ردها إلا المبتدعة الخوارج والإمامية من الشيعة.