مسقط والحرج مدفوع والمشقة تجلب التيسير ويؤيد كل ذلك قوله تعالى {لَيْسَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}.
ثم إن قوله [فرآني أنظر إليه إلخ] دلالة على أنها إنما تعجبت لما رأت ذلك الأمر مخالفًا لقاعدة الشرع الذي هو أصل في حرمة السور من حرمة اللحم فلحم الهرة لما كان معلوم النجاسة كان سوره (١) كذلك لما أن السور معتبر باللحم أو لأنه صلى الله عليه وسلم لعله أمر بالتحامي عنها أولاً حكمًا بنجاسة سورها ثم رخص فيه فلما لم يبلغها نسخ الحرمة تعجبت من فعله المخالف لعلمها أو لأن حرمتها أو تقذرها كان مستقرًا في الطبائع فرأت فعله ذلك مخالفًا له فتعجبت لأجله.
(١) واختلفت الأئمة في سورها فقالت الأئمة الثلاثة طاهر، وقال الإمام الأعظم مكروه بكراهة تحريمية أو تنزيهية قولان: قال في الدر المختار طاهر للضرورة مكروه تنزيهًا في الأصح إن وجد غيره وإلا لم يكره أصلاً كأكله للفقير واستدلت الحنفية بروايات سردها الشيخ في البذل والطحاوي في شرح الآثار فيها الأمر بغسل الإناء من ولوغ الهرة منها حديث أبي هريرة عند الترمذي إذا ولغت الهرة غسلت مرة وغير ذلك من الروايات المرفوعة والموقوفة ومنها حديث الهر سبع وأجاب الطحاوي عن حديث الباب بأنها محمولة على مماسة الثياب وغيرها لأن المرفوع منه قوله صلى الله عليه وسلم ((ليست بنجس)) لا يثبت طهارة السور والإصغاء فعل أبي قتادة مستدلاً بهذا المرفوع على أن الحديث أعله ابن مندة وغيره لجهالة كبشه وحميدة كما في الأوجز وحديث الباب في دقيق النظر يؤيد من قال بالكراهة التنزيهية.