للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبب لعجلة منيته في أسماع الناس وآرائهم، وإلا فقد مات بعد معاناة الأمراض والأسقام، ومقاساة الشهور والأعوام، والغرض بهذا التصفيق أنه لم يخبر به الناس في مرضه حتى يعاد، وذلك لما أنه لم يك عندهم بحيث يعودوه.

[باب في فضل الفقر (١)] قوله [أنظر ما تقول] يعني أن المحبة قد تكون اضطرارية (٢) ولا مدفع بموجبه ومقتضاه، وقد يكون تكلفًا وتصنعًا فتعود إلى التخلق والتطبع، فإن كان القول الذي قلته من قبيل الثاني فلا تفعل،


(١) ولا يذهب عليك أن ههنا بحثين طويلين لا يسعهما المقام، وقد تكلم عليهما في المطولات، الأول الجمع لروايات ما في الباب بالروايات التي وردت في تعوذه صلى الله عليه وسلم من الفقر، وقد أشار إلى الجمع بينها الشيخ في البذل، والثاني اختلافهم قديمًا وحديثًا في أن الغني الشاكر أفضل أم الفقير الصابر.
(٢) يعني أن المحبة إذا كانت بلا اختيار من الرجل فما يتفرع عليها من لوازم المحبة وثمراتها لا بد من تحملها ضرورة وجبرًا، ولا إمكان لدفعها، لأنها من لوازم المحبة، وهو بلا اختيار منه، وإذا ثبت الشيء ثبت بلوازمه، فكذلك دعواك المحبة مني إن كان اضطرارًا فما يتفرع عليه من سرعة الفقر لا دافع له، وإن كانت هذه الدعوى منك بالتكلف فسيصير مآله إلى الاعتياد فإن الرجل إذا اختار شيئًا بالتكلف والتصنع فبعد مقاساة شدائد التكلف يكون طبعًا له، ولذا يعودون الصبيان بالضرب والتأديب الصلاة والأخلاق الحسنة لتصير طبعًا له، فإن كانت الدعوى منك من هذا القبيل فلا تتكلف لهذا لأن الأمر إلى الآن في قبضتك، لكن إذا وصل الأمر إلى حقيقة المحبة فخرج من اختيارك ورتب عليها ما يرتب على المحبة مني من سرعة الفقر.

<<  <  ج: ص:  >  >>