للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكونه حديث النفس، وكونه أكذب (١) أي أغلظ لما له من رسوخ نسبة إلى كذب اللسان، ولما أن الكذب اللساني كثيرًا ما يكذبه غيره، بخلاف ما إذا عقد عليه القلب، ولم يبينه إذ لا مكذب له إذ لم يسمعه غيره حتى يصدقه أو يكذبه، فلا وجه إلى اندفاعه من قلبه بخلاف اللساني فإنه مظنة السقوط.

قوله [فالذي يظن ظنًا ويتكلم به] وليس المراد به التكلم بالفعل إذ لو كان كذلك لبقى قسم خارج منه وهو ما لم يتكلم به لكنه أثبته في القلب، فلذلك قلنا التكلم أعم من أن يكون بالفعل أو بمعنى أن يصلح هذا الظن للكلام بأن يستقر في القلب ولا يكذبه المرء من نفسه.

[باب في المزاح]

قوله [ما فعل التغيير] فيه دلالة على جواز صيد (٢)


(١) قال الحافظ: وإنما صار أشد من الكذب لأن الكذب في أصله مستقبح مستغني عن ذمه بخلاف هذا فإن صاحبه بزعمه مستند إلى شيء، فوصف بكونه أشد الكذب مبالغة في ذمة والتنفير منه، وإشارة إلى أن الاغترار به أكثر من الكذب المحض لخفائه عليه ووضوح الكذب المحض.
(٢) الأول مصدر والثاني بمعنى المصيد وهو ما يصاد، والمسألة خلافية فقال الأئمة الثلاثة: المدنية لها حرم فلا يجوز قطع شجرها ولا أخذ صيدها، لكنه لا يجب الجزاء فيه عندهم خلافًا لابن أبي ذئب فإنه قال يجب الجزاء، وكذلك لا يحل سلب من فعل ذلك عندهم إلا عند الشافعي في القديم، فقال: من اصطاد في المدينة صيدًا أخذ سلبه، وقال في الجديد بخلافه وقال ابن حزم: من احتطب في حرم المدينة فحلال سلبه وكل ما معه في حاله تلك وتجريده إلا ما يستر عورته، وقال الثوري وابن المبارك وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: ليس للمدنية حرم كما كان لمكة، فلا يمنع أحد من أخذ صيدها وقطع شجرها، هكذا في البذل عن العيني وذكر دلائل الحنفية فأرجع إليه لو شئت.

<<  <  ج: ص:  >  >>