للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب إذا أفلس للرجل غريم]

الغريم ههنا بمعنى المديون والذي يأتي من لفظ الغرماء فمفرده بمعنى الدائن ومعنى الحديث (١) أن الرجل إذا وجد متاعه عند مفلس بأن كان وديعة عنده أو عارية أو غصبًا أو مقبوضًا على سوم الشراء فهو أولى بها من غيره، وأما إذا ملكه ملكًا باتًا بأن قبض الشيء المبيع فهو أسوة للغرماء فالمعنى بقوله بعينها أن لا تتبدل إضافته فإن الشرع حكم بتبدل العين إذا تبدلت الصفة كما يعلم من قوله صلى الله عليه وسلم لك صدقة ولنا هدية ونظرًا إلى المطلقة الثلاث فإنه لما تبدلت صفتها وهي ملك الزوج ثلاث تطليقات عليها فكأنها تبدلت بامرأة أخرى حيث يثبت الحل الجديد للزوج الأول بعد ما كانت محرمة عليه فكان صفة بقاء السلعة على حاله الأول المراد بقوله بعينها منوطة ببقاء الإضافة على حالها الأول فإن كانت إضافته باقية كما كانت فهي باقية بعينها وإلا فلا، فنقول (٢) إذا اشترى


(١) اختلفوا في محمله لاختلافهم في حكم المسألة، وتوضيح ذلك أن من باع شيئًا فأفلس المشتري ولم يقبض البائع ثمنه عنه فالبائع أسوة للغرماء عند الحنفية سواء وجد عنده ماله بدون تغير أم لا وقالت الأئمة الثلاثة البائع أحق بماله إذا وجده على حاله بدون تغير، هذا في صورة الإفلاس، أما إذا مات المشتري ففيه اختلاف غير هذا محله أبو داؤد تركناه لسكوت المؤلف عنه وعلى هذا فلما كان ظاهر الحديث مخالفًا للحنفية أوله الشيخ بوجوه وحمله محمد في موطأه على ما إذا لم يقبض المشتري المبيع.
(٢) وحاصله أن الروايات وردت بألفاظ مختلفة فالتي ليس فيها لفظ البيع كأيما رجل أدرك ماله أو وجد ماله وغير ذلك فلا غبار في حملها على الودائع ونحوها والتي ورد فيها لفظ البيع كأيما رجل باع متاعًا فأفلس الذي ابتاعه فمحملها ما إذا لم يقبض المشتري المتاع ومعنى قوله ووجد عنده أي في ملكه لكونه اشتراه وكون البائع أحق في هذه الصورة لأن المبيع لم يخرج من ضمانه ويؤيد هذا الحمل ما ورد في روايات أبي داؤد من المدار على أخذ البائع الثمن، وأنت خبير بأن أخذه الثمن أو شيئًا من الثمن لا يؤثر في تغير صورته التي أرادوها بقوله بعينها فتأمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>