للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أبواب العلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم]

قوله [من طلب العلم كان كفارة لما مضى] وأن تعلم ما يرد على طلبة العلوم من أحوال توجب ندمًا على ما فرط (١) في جنب الله أيام جهله، وخشية على ما فرط في ذلك الزمان من سوء صنيعه وفعله، أفلا ترى ذلك يبعثه على توبة صحيحة، ورجوعًا عن تلك الأفعال القبيحة، وليست التوبة إلا ذاك الانزجار والإقلاع عما عرف كبره من الأحوال والأوضاع، فلا تخصيص فيه على ذلك التقرير بالصغائر (٢) ولعل رحمة ربي تصفح عنها وعن الكبائر.


(١) ضمائر الوحدة باعتبار كل واحدة إحاطة للأفراد، وما أفاده الشيخ موجه، ولا يبعد أن يكون سبب ذلك أن العالم يستغفر له من في السماوات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء كما ورد.
(٢) كما فعله المحشى والشراح ففي الحاشية: قال الشيخ في اللمعات: التكفير فيما عداه من الأعمال كالوضوء والصلاة إنما هو من الصغائر، وقد يكون من الكبائر كما في الحج، ويمكن أن يكون الحال في العلم كذلك، انتهى. لكن هذا خلاف ما قاله أهل التحقيق من أن الكبيرة لا يكفرها الصلاة والصوم، وكذا الحج، وإنما يكفرها التوبة الصحيحة لا غيرها، نقل ابن عبد البر الاجتماع عليه، وكذا قال القاضي عياض: إن ما في الأحاديث فهو في تكفير الصغائر فقط وهو مذهب أهل السنة، فإن الكبائر لا يكفرها إلا التوبة، ورحمة الله عز اسمه، انتهى. وقال القاري: قيل هذا الحديث مع ما فيه من الضعف يخالف الكتاب والسنن المشهورة في إيجاب الكفارات والحدود إلا إذا قلنا بالتخصيص يعني بالصغائر، وهو موضع بحث، والظاهر أن الكفارة مختصة بالصغائر، أو بحقوق الله التي ليس لها تدارك، أو يشمل حقوق العباد التي لا تدارك لها، ويمكن أن يكون المعنى أن طلب العلم وسيلة إلى ما يكفر به ذنوبه كلها من التوبة ورد المظالم.

<<  <  ج: ص:  >  >>