عن حالها بلى هو تنبيه على علة الكراهة وإن الادماء ليس بمعنى إسالة دم الحيض بل المعنى إنها لا تزال يسيل الدم ما غسلها وذلك مشاهد في لحم الأرنب فإنه لا يزيده الغسل إلا السيلان إلى أن يفني رأسًا ولا يرقأ منه الدم فهذا يدل على ماله من تناسب بالدم المفسوح وإن لم يجعله الشارع حرامًا لذلك وهذا غير مستبعد من المقام والله تعالى أعلم بموارد الكلام.
[باب في أكل الضب (١)] قوله [لا آكله ولا أحرمه] للكراهة
(١) هو دويبة تشبه الجردون لكنه أكبر من الجردون، ويقال للأنثى ضبة وبه سميت القبيلة ويقال أن لأصل ذكره فرعين ولذا يقال له ذكران وذكر ابن خالويه انه يعيش سبع مأة سنة وأنه لا يشرب الماء ويبول في كل أربعين يومًا قطرة ولا يسقط له سن، ويقال بل أسنانه قطعة واحدة كذا في الفتح، وبسط في أحواله صاحب حياة الحيوان منها أن بينه وبين العقارب مودة فلذلك يوديها في جحره لتلسع المتحرش به إذا دخل يده لأخذه، وحكى الإجماع على حلته وكذا حكاه غيره ولا يصح وحكى عياض عن قوم تحريمه وعن الحنفية كراهته وأنكر ذلك النووي وقال لا أظنه يصح عن أحد فإن صح فهو محجوج بالنصوص وبإجماع من قبله. قال الحافظ، وقد نقله ابن المنذر عن علي فأي إجماع يكون مع مخالفته ونقل الترمذي كراهته عن بعض أهل العلم، وقال الطحاوي في معاني الآثار: كره قوم أكل الضب منهم أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد، قال العيني قد وضع الطحاوي بابًا للضباب فروي أولاً حديث عبد الرحمن بن حسنة قال نزلنا أرضًا كثيرة الضباب فأصابتنا مجاعة فطبخنا منها وإن القدور لتغلي بها إذ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث، قال ابن حزم حديث صحيح إلا أنه منسوخ بلا شك، ثم قال الطحاوي ذهب قوم إلى تحريم لحوم الضباب وواحتجوا بهذا الحديث، وأراد بالقوم الأعمش وزيد بن وهب وآخرين ثم قال وخالفهم آخرون فلم يروا به بأسًا، وأراد بهم مالكًا والشافعي وأحمد وإسحاق والظاهرية وغيرهم، ثم قال وقد كره قوم أكل الضب، منهم أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد، انتهى، قلت: وحديث عبد الرحمن بن حسنة وفيه الأمر بإكفاء القدور أخرجه أحمد وأبو داؤد وصححه ابن حبان والطحاوي وسنده على شرط الشيخين قال الشوكاني.