للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطبيعية ولعدم نزول الحكم بعد ثم حرمه النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك كما رواه (١) أبو داؤد في سننه وأحمد في مسنده، وفيه دلالة على أن الأصل في لأشياء الإباحة حيث لم يحرمه لعدم نزول تحريمه وكان ترك أكله لعدم اعتياده لفقده بمكة، وإن يمكن أن تكون أحاديث التحريم قبل هذه ثم نسخت وعلى هذا فمعنى قوله ولا أحرمه لأن الله تعالى أحله لكن الاحتياط لعدم العلم بالتاريخ فيما ذهبنا (٢) إليه، لأن الترجيح عند اجتماع المحرم والمبيح للمحرم.


(١) من حديث عبد الرحمن بن شبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل الضب، قال الحافظ في الفتح: إسناده حسن وحديث ابن عياش عن الشاميين قوي، وهؤلاء شاميون ثقات ولا يغتر بقول الخطابي: ليس إسناده بذاك، وقول ابن حزم فيه ضعفاء، مجهولون. وقول البيهقي: تفرد به إسماعيل بن عياش وليس بحجة: وقول ابن الجوزي: لا يصح ففي كل ذلك تساهل لا يخفى فإن رواية إسماعيل عن الشاميين قوية عند البخاري وقد صحح الترمذي بعضها، انتهى كلام الحافظ.
(٢) وزاد في الإرشاد الرضى يؤيده أيضًا كونه من حشرات الأرض أي وهي من الخبائث ويؤيده أيضًا ما أخرجه الطحاوي وغيره عن عائشة أنه أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم ضب فلم يأكله فقام عليه سائل فأرادت عائشة أن تعطيه، فقال لها أتعطينه ما لا تأكلين، قال محمد بن الحسن دل ذلك على كراهته لنفسه ولغيره ويؤيده أيضًا ما في أبي داؤد والنسائي من حديث أبي سعيد أتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ عودًا فعد به أصابعه، ثم قال: إن أمة من بني إسرائيل مسخث دواب في الأرض الحديث إسناده صحيح كما قاله الحافظ في الفتح، ومن الأصل المقرر عند الفقهاء أن الدابة التي وقع على صورتها المسخ لقوم تحرم لا محالة لما أن وقوع المسخ على صورته ينبئ عن خباثته ولذا أفاد الشاه ولي الله أن مما يعلم تحريم نوع من الدواب أن ينظر هل وقع على صورته المسخ أم لا وليس المعنى أن الممسوخة هي الباقية إلى الآن حتى يرد عليه ما أورده الشافعية أن الممسوخة لا تبقى بل المعنى أن ما وقع على صورته المسخ يحرم كالقردة والخنازير انتهى، ما في الإرشاد الرضى بزيادة واختصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>