للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب (١) في شأن الحساب والقصاص] قوله [ليس بينه وبينه ترجمان] تنبيه على شدة الأمر وهوله. قوله [فتستقبله النار] أي لشدة (٢) الأمر وبأسه لما لم ير من أعماله الحسنة ما يعتد به لا يرى له إلا النار، فإن النظر لا يقع إلا على ما يخاف منه، وإن كان الجنة والنار والعرش كل هذه الثلاثة بجهة هي أمامه لا النار فقط، ولا يبعد أن يقال: معنى فتستقبله النار أن النار تتوجه إليه وتأخذه، لا أنها ترى في جهة مقابلة له حتى يحتاج إلى التكلف في الجواب. قوله [من كان ههنا من (٣) أهل خراسان إلخ] فإن الجهمية مع إنكارهم ما أنكروه كانوا يسلمون الروايات والآيات إلا أنهم كانوا يأولونها.


(١) هكذا الترجمة في النسخ الهندية التي بأيدينا، وذكر في النسخة المصرية محلها «باب في القيامة» وذكر قبلها «أبواب صفة القيامة والرقائق والورع» وذكر «باب ما جاء في شأن الحساب والقصاص» بعد أربعة أحاديث على حديث قتيبة عن عبد العزيز بسنده عن أبي هريرة رفعه: أتدرون من المفلس، فتأمل.
(٢) قال ابن هريرة: نظر اليمين والشمال هاهنا كالمثل، لأن الإنسان من شأنه إذا دهمه أمر أن يلتفت يمينًا وشمالاً يطلب الغوث، قال الحافظ يحتمل أن يكون سبب الالتفات أنه يترجى أن يجد طريقًا يذهب فيها ليحصل له النجاة من النار، فلا يرى إلا ما يفضي به إلى النار، كما وقع في رواية محل بن خليفة، وقوله تستقبله النار، قال ابن هبيرة: والسبب في ذلك أن تكون في ممره فلا يمكنه أن يحيد عنها، إذ لابد من المرور على الصراط، انتهى.
(٣) خصهم بالذكر لأن خراسان كان محل نزول جهم بن صفوان الضال المبتدع رأس الجهمية، قال الحافظ في اللسان: إنه كان يقضي في عسكر الحارث ابن سريج الخارج على أمراء خراسان، وقال في الفتح: إن الحارث بن سريج خرج على نصر بن سيار عامل خراسان لبني أمية وحاربه، والحارث حينئذ يدعوا إلى العمل بالكتاب والسنة، وكان جهم حينئذ كاتبه. ثم تراسلا في الصلح، وتراضيا بحكم مقاتل بن حيان والجهم، فاتفقا على أن الأمر يكون شورى حتى يتراضى أهل خراسان على أمير يحكم بينهم بالعدل، فلم يقبل نصر ذلك واستمر على محاربة الحارث إلى أن قتل الحارث في خلافة مروان الحمار، فيقال: إن الجهم قتل في المعركة، ويقال: بل أسر فأمر نصر بن سيار سلم بن أحوز بقتله، فأدعى جهم الأمان، فقال له سلم: لو كنت في بطني لشققته حتى أقتلك فقتله.

<<  <  ج: ص:  >  >>