للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [أتدرون من المفلس إلخ] المفلس الدنياوي إما من لم يكن له شيء من أول الأمر، أو كان غنيًا ثم افتقر، فالثاني يستضر بإفلاسه ما لا يستضر بالأول، وكذلك مفاليس الآخرة، فالذي كان اكتسب من كل أنواع العبادات، ثم افتقر ولم يبق له شيء أشد حسرة من الذي لم يكتسب وأتى خالي اليد، ولذلك ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أعلى قسمي المفاليس في الإفلاس.

قوله [يقومون (١) في الرشح إلى أنصاف آذانهم] بيان لإحدى مراتب العرق تنبيهًا (٢) على أن القيام المذكور في الآية هو هذا القيام المشار إليه في


(١) قال القاري: أي الناس جميعًا والجن أولى، فتركه من باب الاكتفاء، والظاهر استثناء الأنبياء والأولياء، قال ابن الملك: فإن قلت إذا كان العرق كالبحر يلجم البعض فكيف يصل إلى كعب الآخر؟ قلنا: يجوز أن يخلق الله تعالى ارتفاعًا في الأرض تحت أقدام البعض، أو يقال: يمسك الله تعالى عرق كل إنسان بحسب عمله، فلا يصل إلى غيره منه شيء، كما أمسك جرية البحر لموسى عليه السلام، قال القاري: المعتمد هو القول الأخير، فإن أمر الآخرة كله على خرق العادة، أما ترى أن شخصين في قبر وحد يعذب أحدهما، وينعم الآخر، ونظيره في الدنيا نائمان مختلفان في رؤياهما يحزن أحدهما ويفرح الآخر، انتهى.
(٢) يعني ليس المراد من ذكر هذا الحديث أن القيام في الآية منحصر في هذا النوع الذي عرفه إلى الآذان، بل المراد من ذكر الحديث أن تفسير الآية هو قيام المحشر، وذكر أحد أنواع القائمين، وأحوال البقية معلومة بالروايات الأخر، والحديث أخرجه الشيخان وغيرهما، وسيأتي شيء من الكلام في ذلك في تفسير سورة ويل للمطففين فإن المصنف أعاد الحديث فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>