للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[من سورة الأنبياء]

قوله [إلا في ثلاث] والاستثناء باعتبار الصورة وفهم (١) من خاطبه إبراهيم، فكان كذباً بحسب حمل المخاطب كلامه على غير ما قصده به، ثم إن الكذب لما لم يكن قبيحاً لعينة (٢) بل القبح فيه إما لمخالفته الواقع أو لاشتماله خديعة وتغريراً لم (٣) من الكبائر إلا إذا وجد هناك ما هو مستلزم له، وإذ لا فلا، ولذلك جوز الكذب لإرضاء الزوجة إذا لم يتضمن إتلاف حق،


(١) قال ابن عقيل: دلالة العقل تصرف ظاهر إطلاق الكذب على إبراهيم وذلك أن العقل قطع بأن الرسول عليه السلام ينبغي أن يكون موثوقاً به ليعلم صدق ما جاء به عن الله، ولا ثقة مع تجويز الكذب عليه، فكيف مع وجود الكذب منه، وإنما أطلق عليه ذلك لكونه بصورة الكذب عند السامع، وعلى تقديره فلم يصدر ذلك من إبراهيم، يعني إطلاق الكذب على ذلك، إلا في شدة الخوف لعلو مقامة، وإلا فالكذب المحض في مثل تلك المقامات يجوز، وقد يجب لتحمل أخف الضررين دفعاً لأعظمهما، وأما تسميته إياها كذبات فلا يريد أنها تذم، فان الكذب وإن كان قبيحاً مخلا لكنه قد يحسن في مواضع، وهذا منها، انتهى. كذا في الفتح.
(٢) بسط الكلام على ذلك شراح في مسلم الثبوت في مبادئ شروحتهم تحت المقالة الثانية، وأجاد الكلام في ذلك الغزالي في المستصفى في الفن الأول من القطب الأول.
(٣) ولذا قال ابن حجر المكي في الزواجر: الكبيرة الأربعون بعد الأربعمائة الكذب الذي فيه حد أو ضرر، ثم بسط الروايات في ذلك وأقوال المشايخ، واستثنى من الكذب المحرم المبالغة وغيرها، حتى الكذب في الشعر أيضاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>