للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم تكن في النبي صلى الله عليه وسلم ما يوجب سبقه في الدخول، أو المراد المعية في الدخول وليس فيه ما يوجب أنه صلى الله عليه وسلم لم يدخل قبلها، أو المعية معية الخادم لمخدومه، ويمكن أن يقال: إن المراد بذلك غاية القرب بين دخولهما لا المعية الحقيقية، أو يقال: إن الإشارة بالأصبعين الوسطى والسبابة كافية في بيان الفرق في دخولهما فإن السبابة متأخرة عن الوسطى، وإنما احتيج إلى هذه الأجوبة (١) لما ورد أنه صلى الله عليه وسلم أول من يستفتح باب الجنة وأول من يدخلها، وأيضًا فإن الأنبياء عليهم السلام سابقون من أفراد الأمم يقينًا فاحتيج إلى توجيهه والله أعلم. قوله [ينكر هذا التفسير] الذي أنكره سفيان (٢) وغرضه ما أسلفنا لك أن أمثال هذه لا يبين للعوام لئلا يجترؤا على ارتكاب ما أخاف عنه النبي صلى الله عليه وسلم.

[باب في رحمة الناس]

قوله [من لم يرحم إلخ] ثم عدم الرحم (٣) من


(١) وهذا كله على اتصال الأصبعين، ورواية البخاري بلفظ: وفرج بين أصبعيه لا تحتاج إلى توجيه كما ذكره الحافظ في الفتح.
(٢) قال العيني: قوله ليس منا أي ليس من أهل سنتنا ولا من المهتدين بهدينا، وليس المراد الخروج به من الدين جملة إذ المعاصي لا يكفر بها عند أهل السنة اللهم إلا أن يعتقد حل ذلك، وسفيان الثوري أجراه على ظاهره من غير تأويل لأن إجراءه كذلك أبلغ في الانزجار مما يذكر في الأحاديث التي صيغها ليس منا انتهى، ولا يذهب عليك أن المنكر في الترمذي والعيني وغيرهما الثوري، وفي النووي وغيره ابن عيينة ولا مانع من الجمع.
(٣) قال الحافظ: وقد ورد من لم يرحم المسلمين لم يرحمه الله، وفي رواية من لا يرحم من في الأرض لا يرحمه من في السماء، قال ابن بطال: فيه الحض على استعمال الرحمة لجميع الخلق فيدخل المؤمن والكافر والبهائم والمملوك منها وغير المملوك، ويدخل في الرحمة التعاهد بالإطعام والسقي والتخفيف في الحمل وترك التعدي بالضرب، ثم ذكر الحافظ اختلاف الألفاظ الرواية والأقاويل في معنى قوله من لا يرحم بأن أي أنواع الرحمة يراد، قال الحافظ: وهو في حديث عبد الله بن عمرو عند أبي داؤد والترمذي والحاكم بلفظ: ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، وهذا الحديث قد اشتهر بالمسلسل بالأولية انتهى، قلت: وهو كذلك تسلسل إلينا بوساطة شيخ المشايخ الشاه ولي الله الدهلوي وهو أول حديث من رسالته المسلسلات.

<<  <  ج: ص:  >  >>