للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خصلة حسنة يجر إلى غيرها، كما أن الاعتياد بالقليل من شيء يجر إلى كثيره.

قوله [فإنها مأسورة] أي ظاهرًا وباطنًا وإن كان في الحقيقة كل شيء مأمورًا.

قوله [ما دعوة أسرع إجابة إلخ] لتمحضها لله الكريم.

[باب في الشتم]

قوله [ما لم يعتد المظلوم] لأنه أتى بما أمر به في قوله: جزاء سيئة سيئة، الآية {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ}، وأما إذا اعتدى فهو (١) على المظلوم لكونه زائدًا على حقه قوله [سباب المسلم إلخ] لا يخفي على ذوي الألباب أن ست المسلم إن كان مستحلاً فهو كفر، والقتال (٢) إن لم يكن استحلالاً لا يكون كفرًا فما توجيه تخصيص أحدهما بالفسوق وثانيهما بالكفر؟ والجواب منه أن أمثال هذه فيما بين المسلمين لا تقع استحلالاً، فالجزاء في السباب والقتال إنما هو الإثم إلا أنه أبرز الثاني بلفظ الكفر أراءة (٣) لهم شدة مقاربته بالكفر كأنه بارتكابه القتل قد تداخله الكفر وإن لم يكن بالمعنى الذي يؤيد دخول النار


(١) يعني إذا اعتدى فيكون وبال الاعتداء على المظلوم لأنه ظالم في هذا الحق الزائد.
(٢) قال العيني: لم يرد بقوله وقتاله كفر حقيقة الكفر التي هي خروج عن الملة بل إنما أطلق عليه الكفر مبالغة في التحذير، والإجماع من أهل السنة منعقد على أن المؤمن لا يكفر بالقتال ولا بمعصية أخرى، وقال ابن بطال: ليس المراد بالكفر الخروج عن الملة بل كفران حقوق المسلمين. ويقال: أطلق عليه الكفر لشبهة به لأن قتال المسلم من شأن الكافر، ويقال: المراد به الكفر اللغوي، وقال الكرماني: المراد أنه يؤول إلى الكفر لشومه.
(٣) قال العيني بعد ما بسط في وجوه إطلاق الكفر عليه: إن قلت السباب والقتال كلاهما على السواء في أن فاعلهما يفسق ولا يكفر، فلم قال في الأول فسوق وفي الثاني كفر؟ قلنا: لأن الثاني أغلظ أو لأنه بأخلاق الكفار أشبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>