للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصلب الغلام بمرأى عين منهم، ويقول عند الرمي: بسم الله رب هذا الغلام، وإنما تسبب الغلام بذلك إلى هدايتهم فإنهم لما يرونه كذلك ويسمعون القصة فلا يشك في إسلامهم إذًا، ففعل الملك، فلما رماه أصاب السهم صدغه، فوضع ثم أصبعه للألم. قوله [لقد علم هذا الغلام] وهذا من دأب العوام ودائهم القديم أنهم يعدون من يظهر الخوارق مقبولاً عند الله تعالى مع أن الأمر ليس كذلك وإن تضمن مصلحة ورشادًا فيما نحن فيه.

[سورة الضحى]

قوله [فدميت أصبعه] من الرجل، وكان ذلك (١) في غزوة غزاها.


(١) قال القاري في شرح الشمائل: ولفظ البخاري في صحيحه: كان في بعض المشاهد فدميت أصبعه، قال الكرماني: قيل: كان ذلك في غزوة أحد، وفي صحيح مسلم: كان النبي صلى الله عليه وسلم في غار فدميت، قال القاضي عياض: قال الباجي: لعله (غازيًا) فتصحف، كما في الرواية الأخرى: في بعض المشاهد، وكما في رواية للبخاري: بينما النبي صلى الله عليه وسلم يمشي إذ أصابه حجر فدميت أصبعه، قال القاضي عياض: وقد يراد بالغار الجيش والجمع لا الغار الذي هو الكهف ليوافق رواية بعض المشاهد، وقال السقلاني: في رواية شعبة عند الطيالسي: خرج إلى الصلاة، قال القاري: أما القول بالتصحيف فلا يخلو عن نوع من التحريف فإنه لا يصح لفظًا ولا معنى، ومثل هذا الطعن لا يجوز في حديث مسلم، ورواية البخاري: بينما يمشي، لا تنافي كونه أولاً في الغار، وكذا رواية: خرج إلى الصلاة، فالتحقيق أنه كان في غار من جبل أحد أو كهف في بعض أماكنه يحترس فيه من الأعداء، على أنه لا مانع من الحمل على تعدد الواقعة وهو لا شك أنه أحسن من الطعن في الرواية الصحيحة، انتهى مختصرًا. قلت: ومال بعضهم إلى أن الوقعة كانت قبل الهجرة كما في المناوي، ولعلهم احتاجوا إلى ذلك لأن سورة الضحى مكية، وظاهر الحديث نزولها بعد هذه القصة، لكن قال الحافظ في الفتح: إن نزول هذه السورة كان في أوائل البعثة وجندب لم يصحب النبي صلى الله عليه وسلم إلا متأخرًا، كما حكاه البغوي في معجم الصحابة عن الإمام أحمد، فعلى هذا هما قضيتان حكاهما جندب، أحدهما مرسلة لم يحضرها، فروايته لها من مراسيل الصحابة، والأخرى موصولة شهدها كما ذكر أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يلزم من عطف إحداهما على الأخرى في رواية سفيان اتحادهما، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>