أقل من تصرف النساء في أموال الأزواج فبين ما إليه احتياج الناس أكثر والابتلاء به غير قليل ولا أندر ولكن الإذن قد يكون بصريح القول منه وقد يكون دلالة كما قد علم بإنفاقها ولم يمنعها أو يكون طبعه يميل إلى الإنفاق في سبيل الله ويأمر به زوجه ويبين ما قدر الله له من الثواب في ذلك ثم لما كان مركوزًا في النفوس إنهم لا يثبتون للطعام خصوصًا المطبوخ منه ما للنقدين والفلوس من المنزلة سأل سائل عن غن إنفاق الطعام ظنًا منه، إن ذلك لعله لا يمنع فقال له النبي صلى الله عليه وسلم وذلك أفضل أموالنا، لأن كل ما سواه من الدراهم والدنانير فإنما هو تبع وغير مقصود بالذات إنما الاحتياج إليه في تحصيل الأطعمة والأشربة والألبسة، وهذا الإنفاق غير مختص بالإعطاء بل إنفاقها على نفسها فوق ما يصلح له من النفقة أو يرضاها لما زوجها ويجيزها داخل في ذلك.
[قوله إذا تصدقت المرأة] هذا إذا كان بإجازته وقوله مثل ذلك الأجر المماثلة في كونهما أجرًا وأما في المقدار فلا.
[قوله بطيب نفس] أي غير منقبضة بها نفسها ولا كارهة إياها، وقوله غير مفسدة بأن تعطى أكثر مما أمر به زوجها أو غير من يرضى الإنفاق عليه إلى غير ذلك من مفاسد النساء وهي غير قليلة.
[باب ما جاء في صدقة الفطر قوله صاعًا من طعام] المتبادر منه (١) البر
(١) اختلفت الأئمة والفقهاء في الواجب من صدقة الفطر في الحنطة، فقالت الأئمة الثلاثة: صاع منها كغيرها لحديث الباب، وقالت الحنفية: الواجب نصف صاع منها وهو مذهب الخلفاء الراشدين الأربعة وابن مسعود وجابر بن عبد الله وأبي هريرة وابن الزبير وابن عباس ومعاوية وأسماء وجماعة من التابعين ذكرت أسمائهم في الأوجز ورواية عن مالك قال ابن المنذر لا نعلم في القمح خبرًا ثابتًا عن النبي صلى الله عليه وسلم يعتمد عليه ولم يكن البر في المدينة إذ ذاك إلا الشيء اليسير فلما كثر في زمن الصحابة رأوا أن نصف الصاع منه يقوم مقام صاع شعير وهم الأئمة فغير جائز أن يعدل عن قولهم إلا إلى قول مثلهم ثم أسند عن عثمان وعلي وجماعة من الصحابة أنهم رأوا نصف صاع من قمح، وهذا مصير منه إلى اختيار ما ذهب إليه الحنفية، وقال ابن القيم: فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم آثار مرسلة ومسندة يقوي بعضها بعضًا، ثم ذكر الآثار المذكورة وقال في آخرها وكان شيخنا (أي ابن تيمية) يقوي هذا المذهب كذا في الأوجز.