للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورفده: إن العرب لما كانت قوة أقويائهم ورؤسائهم إما قوة أنفسهم أو قوة أقوامهم وحلفائهم لم يسألوا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن القوة ما هي لما كانوا على علم من حالها بل سألوا عن الركن الشديد ما هو؟ فقال: إنما الركن هو الله، فحاصل تمنى لوط عليه السلام أني ليت لي بكم قوة من نفسي، أو ماعونه من قومي، أو آرى إلى الله فيؤيدني حتى أدب عن أضيافي هؤلاء، أو المراد به التوكل فوق ما هو له إذا، فإن درجات التوكل على الله متفاوتة فسأل المرتبة التي لا يحجم بها عن مقاومتهم فريداً، ولا يعجز عن مصادمتهم وحيداً كما قال الله تعالى لنبينا -صلى الله عليه وسلم-: {لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين} فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا تخرجوا لأخرجن وحدي، أو كما قال (١). والحمد لله الكبير المتعال الهادي عباده عن طرق الضلال.

قوله [فما بعض الله من بعده الخ] هذا أثر من دعوته.

[من سورة الرعد]

قوله [عما حرم إسرائيل] وهو اسم يعقوب (٢) وكان اشتكى فنذر (٣) أن يترك


(١) وفي الجلالين في تفسير الآية المذكورة: فقال -صلى الله عليه وسلم-: والذي نفسي بيده لأخرجن ولو وحدي، وذكر صاحب الجمل القصة مفصلة في قوله تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} الآية.
(٢) قيل: اسم أعجمي، وقيل: عربي، سمى بذلك لأنه خرج من بطن أمه ماسكاً بعقب عيص وكانا توأمين، وقيل: لكثرة عقبه، كذا في الخميس، وذكر صاحب الجمل في سبب تسميته بإسرائيل أقوالا منها أنه مركب إضافي كعبد الله، فان أسر بالعبرانية هو العبد وإبل هو الله، وقيل غير ذلك.
(٣) ففي الجلالين (كل الطعام كان حلال لبنى إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل) يعقوب (على نفسه) وهو الإبل لما حصل له عرق النساء فنذر أن شفى لا يأكلها. قال صاحب الجمل: ولعل هذا النذر كان منعقداً في شريعته فنذران لا يأكل أحب الطعام إليه، ولا يشرب أحب الشراب إليه، وكان أحب الطعام عنده لحم إبل وأحب الشراب عنده لبنها، فحرمهما على نفسه، فحرما على بنيه تبعاً له، وفي رواية: نذر إن شفى أن لا يأكلهما هو ولا بنوه، فنذر هو عدم أكله وعدم أكل ببته، انتهى. وقال البيضاوي: قبل: كان به عرق النساء، فنذران شفى لا يأكل أحب الطعام إليه، وكان ذلك أحبه إليه، وقيل: فعل ذلك للتداوي بإشارة الطباء، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>