للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجوه التحقيق أنه (١) ليس للرشوة فلا ضير في قبوله واستدل عليه بقوله صلى الله عليه وسلم لو أهدى إلى كراع وهو مستدق الزراع من ساق الشاة وغيرها، وهو أيضًا اسم موضع والمراد في الأول هو الأول والثاني يحتمل كليهما، وجه الاستدلال أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبلهما لتحقق أنه لا يرتشي وأنهم لا يعطونه رشوة فكذلك الحكم لكل من علم ذلك بيقين وتحقق، وأما ضرب عمر أبا هريرة (٢) وسلبه منه ما كان أتى به مما أهدى إليه فإنما كان لدفع المظنة أو لنوع شبهة نشأت لعمر أو لينسد باب الحيلة فإنه لو ترك أبا هريرة يأخذه لجعل كل واحد من القضاة يقدم عليه محتجًا بفعله، ومفسدته لا تخفى.

[باب ما جاء في التشديد على من يقضي له بشيء ليس له أن يأخذه]

اعلم أنهم أوردوا على الأحناف مسألة تنفيذ القضاء بشهادة الزور ظاهرًا أو باطنًا فقد قال الإمام أبو حنيفة إذا حكم القاضي بشيء لرجل وقد ادعى ملكًا مقيدًا ونور دعواه بشهادة ولو كان زورًا وسعه استعماله ولو كانت زوجة أو أمه فله وطيها فإن القاضي يجعل كأنه أنشأ العقد وله ولاية الانكاح والبيع وغيرها، وقد ثبت


(١) حق الضمائر التأنيث وللتذكير توجيهات لا تخفى.
(٢) فقد حكى ابن الهمام استعمل عمر أبا هريرة فقدم بمال فقال له من أين لك هذا قال تلاحقت الهدايا فقال له عمر هلا قعدت في بيتك فتنظر هل يهدي لك أم لا فأخذ ذلك منه وجعله في بيت المال، وذكر الحافظ في الإصابة برواية عبد الرزاق أن عمر استعمل أبا هريرة على البحرين فقدم بعشرة آلاف فقال له عمر استأثرت بهذه الأموال فمن أين لك قال خيل نتجت وأعطية تتابعت وخراج رقيق لي فنظر فوجدها كما قال ثم دعاه فأبى فقال لقد طلب العمل من كان خيرًا منك، قال إنه يوسف نبي الله ابن نبي الله وأنا أبو هريرة بن أميمة وأخشى ثلثًا أن أقول بغير علم أو أقضي بغير حكم ويضرب ظهري ويشتم عرضي وينزع مالي.

<<  <  ج: ص:  >  >>