للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنفسه ويتفكر في الآية ومنعه الجواب، وقيل: آية الصيف هي قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وعلى هذا فالمعنى أن الدين لما كان قد تم، وليس مسألة شرعية خارجة عن الكتاب والسنة، فعليكم بالاجتهاد والاستنباط والنظر في موارد الأحكام فأنها المناط، وأما السؤال غي في جزيئات المسائل في حياتي فاني على (١) وشك الرحيل فحسبكم كلام الملك الجليل وسنة نبيكم محمد الحبيب الخليل، فيهما غنية عن كل سؤال وكل ما أبهم من الأمر ففيهما حل كل ما قول (٢)

[سورة المائدة]

.

قوله [لو علينا أنزلت هذه الآية] كأنه عرض بعمر بن الخطاب أنكم معشر المسلمين لم تعرفوا قدر هذه الآية ولو أنها نزلت فينا لجعلنا يوم نزولها يوم فرح وسرور، وحاصل الجواب (٣) أنكم معشر اليهود جعلتم أمر دينكم بيديكم (٤) ففرحتم بما


(١) قال المجد: وشك الأمر ككرم سرع، وأوشك أسرع السير، وأوشك الفراق وشكانه ويضمان: سرعته، انتهى.
(٢) قال المجد: العاقول معظم البحر أو موجه، ومعطف الوادي والنهر، وما التبس من الأمور، انتهى.
(٣) وهذا أجود ما وجهت الشراح جواب عمر، قال الحافظ: فان قيل كيف طابق الجواب السؤال، لأنه قال اتخذناه عيداً، وأجاب عمر بمعرفة الوقت والمكان، ولم يقل جعلناه عيداً، والجواب عن هذا أنها نزلت في أخريات نهار عرفة ويوم العيد إنما يتحقق بآوله، وقد قال الفقهاء: إن رؤية الهلال بعد الزوال للقابلة، هكذا قاله بعض من تقدم قال: وعندي أن هذه الرواية اكتفى فيها بالإشارة، وإلا فرواية إسحق عن قبيصة قد نصت على المراد، ولفظه: نزلت يوم جمعة يوم عرفة، وكلاهما بمحمد الله لنا عيد، وكذا عند الترمذي من حديث ابن عباس أن يهودياً سأله عن ذلك فقال: نزلت في يوم عيدين يوم جمعة ويوم عرفة، فظهر أن الجواب تضمن أنهم اتخذوا ذلك اليوم عيداً، وهو يوم الجمعة، واتخذوا يوم عرفة عيداً لأنه ليلة العيد، انتهى.
(٤) بضم الياء وكسر الدال، فان اليد يجمع على الأيدي واليدي، وجمع الجمع الأيادي.

<<  <  ج: ص:  >  >>