قوله [تجزئك آية الصيف] فقيل: هي (١) هذه الآية بعينها، وحاصل الجواب أن الذي تسألينه ظاهر بأدنى تأمل منك في الآية، ولعل الرجل سأل عن الكلالة ما هي؟ أو سأل عن تفسير الآية، وأياماً كان فأحاله النبي -صلى الله عليه وسلم- على أن بتدبره
(١) غرض الشيخ بهذا الكلام دفع ما يشكل على ظاهر الحديث من اتحاد السؤال والجواب، ودفعة الشيخ بثلاثة وجوه: الأول أن غرض السائل كان السؤال عن تعريف الكلالة، فأحاله النبي -صلى الله عليه وسلم- على الآية نفسها بأنه موجود فيها، والثاني أن غرضه كان السؤال عن تفسير الآية، فأجابه النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن آية الشتاء وهي ما في أول النساء وإن كان فيه نوع إجمال لكن آية الصيف واضحة لا تحتاج إلى التفسير، والثالث أنه -صلى الله عليه وسلم- تيههم وحرضهم على الاجتهاد في الأحكام الشرعية، وعلى هذا فالمراد بآية الصيف ليست آية الكلالة، بل آية إكمال الدين، وهذه الآية وإن لم تشهر بآية الصيف لكنها معدودة في جملة الآيات الصيفية كما في الإتقان، هذا خلاصة ما أفاده لأشيخ، وهذا كله على سياق النسخ التي بأيدينا من المصرية والهندية للترمذي، ولا يبعد عندي أن يكون لفظ {قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ} في السؤال مزيداً من أحد الرواة رعاية لنظم القرآن، ويكون السؤال {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} وعلى هذا لاغبار في انطباق الجواب عليه، ويؤيد ذلك سياق أبي داؤد برواية منصور بن أبي مزاحم عن أبي بكر بهذا السند بلفظ {يَسْتَفْتُونَكَ فِي الْكَلالَةِ} فما الكلالة؟ قال: يجزئك آية الصيف، وهذا يدل أيضا على أن غرض السائل كان السؤال عن حقيقة الكلالة ما هي؟ ويؤيد هذا الغرض الآثار الكثيرة التي أخرجها السيوطي في الدر دالة على أن الصحابة كانوا مترددين في حقيقتها هل هي من لا ولد له؟ أو من لا والد له ولا ولد؟ أو غير ذلك؟ ولا يذهب عليك أنه نزلت في الكلالة آيتان أحدهما في الشتاء، وهي التي في أول سورة النساء، والثانية في الصيف، وهي الآية الأخيرة من سورة النساء.