للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما أن إجلاء اليهود لما كان تحقق عندهم حيث نزل القرآن به وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت النخلات وغيرها من أثاثهم وما لهم من القليل والكثير للمسلمين، فلما أفسدوها فكأنهم أضاعوا أموال إخوانهم المسلمين، وإن (١) كان قطعنا هذا جائزًا لما أنها في الحال وإن كانت للمسلمين باعتبار المآل، فالوزر في التي تركناها على أصول ولم نقطعها ونحرقها.

[سورة المممتحنة]

قوله [وما فعلت ذلك كفرًا وارتدادًا] وإنما كان على ثقة من أن الله ناصر عبده فلا يضر المسلمين إخباري الكفار عن بعض أمرهم مع أن بعض هذه الأمور التي هي واقعة هاهنا (٢) ليست بخلفية عليهم، ويعلم منه أن ارتكاب


(١) توضيع كلام الشيخ أنهم لما قطعوا بعضها وتركوا بعضها حك ذلك في صدورهم باعتبار أن القطع إن كان فيه مصلحة الإغاظة فقانت في ترك بعضها، وإن كان البقاء فيه مصلحة منفعة المسلمين فقانت في قطع بعضها، ثم الجمهور على جواز ذلك للحاجة والمصلحة إذا تعينت طريقًا في نكاية العدو، قال الحافظ: وخالف في ذلك بعض أهل العلم فقالوا: لا يجوز قطع الشجر المثمر أصلاً، وحملوا ما ورد من ذلك إما على غير المثمر، وإما على أن الشجر الذي قطع في قصة نبي النضير كان في الموضع الذي يقع فيه القتال، وهو قول الأوزاعي والليث وأبي ثور، انتهى.
(٢) فإن أخبار مسيرة صلى الله عليه وسلم لم تكن خافية، غاية ما فيه أن يخفى جهة المسير، وكتاب حاطب على ما حكاه الواقدي لم يكن فيه إلا إخبار المسير، فقد ذكر الحافظ: روى الوقدي بسند مرسل أن حاطبًا كتب إلى سهيل ابن عمرو وصفوان بن أمية وعكرمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن في الناس بالغزو ولا أراه يريد غيركم، وقد أحببت أن يكون لي عندكم يد، وذكر بعض أهل المغازي أن لفظ الكتاب: أما بعد يا معشر قريش فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءكم بجيش كالليل يسير كالسيل، فوالله لو جاءكم وحده لنصره الله وأنجز له وعده، فانظروا لأنفسكم، كذا حكاه السهيلي، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>