للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [فوالله ما هو إلا من رأيت إلخ] يعني أن أبا بكر لما شرح الله صدره للقتال وبين لي أبو بكر وجوهًا عرفت بها أنه الحق علمت أن أبا بكر ما كان يقوله لحق، ويمكن (١) أن يقال في بيان معناه: إن الأمر لم يكن إلا إني رأيت أن الله سبحانه دون غيره شرح صدره أبي بكر للقتال وألهمه، ولم يجعله في ريبة منه، ولا كان ذلك وسوسة من الشيطان، فعرفت بعد ذلك أنه الحق كما كان عرف أبو بكر وتصلب على ذلك كتصلبه عليه.

[باب ما جاء في وصف جبرئيل (٢) للنبي صلى الله عليه وسلم الإيمان والإسلام] إضافة الوصف إلى جبرئيل مجاز فإنه لما كان سبب وصفه صلى الله عليه وسلم لسؤاله إياه جعل كأنه


(١) والفرق بين المعنيين أن عرفان كون القتال حقًا في الأول كان باستدلال أبي بكر، وفي الثاني مستأنف لا يترتب عليه، بل شرح صدره له كما كان شرح له صدر أبي بكر من قبل، وفي البذل عن شروح البخاري: فعرفت أنه أي القتال الحق، أي المحق الثابت بالدليل الشرعي بما ظهر لي من الدليل الذي أقامه الصديق، لا أنه قلده في ذلك لأن المجتهد لا يجوز له أن يقلد مجتهدًا آخر، فإن قلت: ما النص الذي اعتمد عليه أبو بكر؟ قلت: روى الحاكم في الإكليل عن عبد الرحمن الظفري وكانت له صحبة، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل من أشجع لتؤخذ صدقته فأبى أن يعطيها فرده إليه الثانية فأبى، ثم رده إليها الثالثة وقال: إن أبي فاضرب عنقه، قال عبد الرحمن- أحد رواة الحديث قلت لحكيم: ما أرى أبو بكر قاتل أهل الردة إلا على هذا الحديث، قال: أجل، انتهى.
(٢) هكذا في النسخ الهندية والمصرية، وبوب عليه البخاري في صحيحه «باب سؤال جبرئيل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان والإسلام إلخ» وهو أوضح، ولعل المصنف اختار ذلك إشارة إلى ما في الحديث ذاك جبرئيل أتاكم يعلمكم دينكم، فجعله النبي صلى الله عليه وسلم معلمًا، وإليه أشار الشيخ في الجواب الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>