للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من امتحان (١) الرجل صاحبه إذا لم يقصد بذلك إهانته، وقول عمر رضي الله عنه: لأن تكون إلخ إشارة إلى أن مسرة الرجل يعلو أحد من أقاربه وأوليائه لا شناعة فيه إذا كان لأمر ديني، وإنما هو من مسرة بمنة من الله تعالى وإحسانه على من يدانيه.

[باب ما جاء مثل الصلوات الخمس إلخ] اختلفوا في أن المغفور بالطاعات هل هي الصغائر من الذنوب أم كبائرها أيضًا، فقال أكثرهم (٢): هي الصغائر فقط ولا يغتفر الكبائر إلا بالتوبة والاستغفار، وقال بعضهم (٣): إنها الكبائر


(١) ولذا بوب عليه البخاري في صحيحه ((باب طرح الإمام المسألة على أصحابه ليختبر ما عندهم من العلم)) انتهى.
(٢) قال الطيبي: إن الشارحين اتفقوا عليه، وهكذا ذكر النووي والقرطبي في شرح مسلم، كذا في الشامي، وبه جزم القارئ والعيني وحكيًا عن ابن عبد البر الإجماع على ذلك بعد ما حكى في تمهيده عن بعض معاصريه أن الكبائر والصغائر تكفرها الصلاة والطهارة لرواية البخاري وغيره: فتنة الرجل في أهله وماله تكفرها الصلاة والصوم، الحديث. ولرواية الصنابحي: إذا توضأ خرجت الخطايا من فيه، الحديث. ثم رد عليه بأنه جهل وموافقة للمرجئة في قولهم: إنه لا يضر مع الإيمان ذنب. وهو مذهب باطل بإجماع الأمة، انتهى. وفي الدر المختار: قال عياض: أجمع أهل السنة أن الكبائر لا يكفرها إلا التوبة، ولا قائل بسقوط الدين ولو حقًا لله، كدين صلاة وزكاة، نعم إثم المطل وتأخير الصلاة ونحوها يسقط، وهذا معنى التكفير على القول به، انتهى.
(٣) ففي الدر المختار: هل الحج يكفر الكبائر، قيل: نعم كحربي أسلم، وقيل: غير المتعلقة بالآدمي كذمي أسلم، ثم حكى عن عياض الإجماع المذكور قبل، وتقدم ما حكاه ابن عبد البر عن معاصريه، قال ابن عابدين: وفي شرح اللباب: مشى الطيبي على أن الحج يهدم الكبائر والمظالم، ووقع منازعة بين أمير بادشاه من الحنفية حيث مال إلى قول الطيبي، وبين ابن حجر المكي حيث مال إلى قول الجمهور، قال: وظاهر كلام ابن الهمام الميل إلى تكفير المظالم أيضًا، وعليه مشى الإمام السرخسي، وعزاه المناوي إلى القرطبي، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>