للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب الداعي يبدأ بنفسه]

قوله [بدأ بنفسه] لأن السؤال للغير وترك نفسه يوهم أن له غنى عنه، ولأنه لو أوتي له (١) ما سأل فهو يكون فهو يكون قد أحرز نصيبًا منه. قوله [ما لم يعجل] لأنه يكون سببًا للقنوط والترك. قوله [أراه قال] أي غالب ظني أنه قال: له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأما بعد ذلك (٢) فليس داخلاً


(١) يعني أن الدعاء للغير من الأدعية المستجابة، فقد أخرج الطبري عن ابن عباس رفعه: خمس دعوات مستجابات، وذكر فيها دعوة الأخ لأخيه، كما حكاه الحافظ، فالمعنى أن الغير لو استجيب في حقه دعاء هذا الداعي، فيكون هو أيضًا محرزًا لذلك لتشريكه نفسه في الدعاء، فإن الله عز اسمه أكرم من أن يقبل بعضًا ويترك بعضًا، وهذا أوجه مما قاله القاري: فيه إيماء إلى أنه إذا قبل دعاءه لنفسه فلا يرد دعاءه لغيره، انتهى. وذلك لأن إجابة الدعاء في حق الغير أرجى من الإجابة لنفسه كما يدل عليه الحديث المذكور وما في معناه، ويشكل على الحديث ما في المشكاة برواية مسلم عن أبي الدرداء مرفوعًا: دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك مؤكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك المؤكل به: آمين ولك بمثل، ويمكن الجواب عنه أن دعوته لنفسه إذا انضمت بدعاء الملك تكون أرجى للقبول، ثم بداية نفسه في الدعاء للغير ليس بضروري كما أشار إليه البخاري في صحيحه إذ ترجم بقوله: (باب قول الله تبارك وتعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} ومن خص أخاه بالدعاء دون نفسه) ثم ذكر الروايات المؤيدة لذلك.
(٢) لما أن روايات ابن مسعود مختلفة في ذكر هذه الكلمة فقط بخلاف الكلام الآتي، فإنه موجود في جميعها كما يدل عليه جميع طرق هذا الحديث المخرجة في مسلم وأبي داود وعمل اليوم والليلة لابن السنى وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>