للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب الوضوء من القيء والرعاف]

لما كان القول بنقض الوضوء بما يخرج من غير السبيلين من النجاسة يشمل القيء والرعاف لم يفتقر إلى إيراد حديث للرعاف على حدة لعدم القائل بالفصل فإن الذاهب (١) إلى انتقاضه بالقيء ذاهب إلى انتقاضه بالرعاف وأمثاله والنافي له ناف له فكان إثبات شيء من ذلك إثباتًا لكل ذلك ونفيه نفيًا لكل ذلك، ثم إن التعقيب بالفاء في قوله قاء فتوضأ مما يدل على كونه علة له لترتبه عليه ترتب الأجزية على شروطها والتقييد بكونه ملاء الفم لتحقق النجاسة إذا لكونه منبعثًا من قعر المعدة وهي محل النجاسة دون ما إذا كان دون (٢) ذلك ولتخصيص الروايات بذلك فإن الروايات في ذلك مختلفة تدل بعضها على انتقاض الطهارة بالقيء والبعض الآخر بعدم انتقاضها به والجمع بينهما (٣) حمل الرواية


(١) قلت: المسألة خلافية عند الأئمة فالقيء الفاحش والدم الفاحش ينقضان الوضوء، عند الحنابلة رواية واحدة صرح بذلك ابن قدامة روى ذلك عن ابن عباس وابن عمر وسعيد ابن المسيب وعلقمة وعطاء وقتادة والثوري وأبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وإسحاق بن راهوية، وكان مالك والشافعي وابن المنذر وغيرهم لا يوجبون منها الوضوء، كذا في الأوجز، قال ابن قدامة: ولنا ما روى أبو الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فتوضأ، قال ثوبان: صدق أنا صببت له وضوءًا رواه الأثرم والترمذي قيل لأحمد حديث ثوبان ثبت عندك قال نعم، وروى الخلال بإسناده عن ابن جريج عن أبيه مرفوعًا إذا قلس أحدكم فليتوضأ، قال ابن جريج وحدثني ابن أبي مليكة عن عائشة مرفوعًا مثل ذلك وأيضًا فإنه قول من سمينا من الصحابة ولم نعرف لهم مخالفًا في عصرهم فيكون إجماعًا، انتهى مختصرًا.
(٢) قال ابن قدامة: وقد روى الدارقطني بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ليس الوضوء من القطرة والقطرتين، انتهى، قلت: واستدل به صاحب الهداية أيضًا.
(٣) وبهذا جمع بينهما صاحب الهداية فقال وإذا تعارضت الأخبار يحمل ما رواه الشافعي على القليل وما رواه زفر على الكثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>