للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [وهذا أصح] يعني أن رواية أنس قصة أبي طلحة هو الأصح لا كما رواه الليث من رواية أبي طلحة قصة نفسه لأنس (١) ولعل الوجه في كونها أصح كثرة من روى هذا الحديث موافقًا لرواية سفيان دون الليث، ولكن الجمع بينهما ممكن بحيث لا يكون مدلول أحد السندين مخالفًا لما دل عليه السند الآخر، وهو أن معنى قوله عن أبي طلحة عن قصته وحاله لا أنه روى عنه، قوله [عاصرها] المرتكب لفعل العصر والمعتصر من يرتكب له والظاهر أن العاصر من يرتكب العصر لغيره والمعتصر لنفسه، وفي حكم العاصر كل من اهتم لأمرها وسعى في إعدادها، فأما الأجير لحملها فلم يوجدها ولا هو ساع في إيجادها فلا يقاس أحدهما على الآخر، والحامل هو الحامل ليشرب فلا يدخل فيه من استأجره (٢) ذي ليحمل خمره إلى بلدة كذا لما أنه لم يحمل لذلك، وإن لم يخل فعله هذا عن كراهة إلا أنه لا يحرم عليه أجرته.

[باب ما جاء في احتلاب المواشي بغير إذن الأرباب]

هذا كما تقدم في أكل الثمار مبني على عرف الأنصار فإنهم كانوا لا يمنعون المسافر، ولا الجائع عنه إلا إن لفظ الحديث يشير إلى أن استعمال ملك الغير لا يجوز من غير إذنه غير أن


(١) قلت: وفي متن الروايتين أيضًا فرق وهو أن في الحديث الأول كان شراء أبي طلحة، وفي الثاني كان موجودًا عنده، قال الزيلعي وأخرج مسلم عن أنس أن أبا طلحة سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمرًا قال أهرقها، الحديث.
(٢) ففي الدر المختار جاز حمل خمر ذي بنفسه أو دابته بأجر لا عصرها لقيام المعصية بنفسه، انتهى، وذكر صاحب الهداية الخلاف في ذلك بين الإمام وصاحبيه فقال يطيب له الأجر عند الإمام، وقالا يكره له ذلك للحديث وله أن المعصية في شربها وهو فعل فاعل مختار، وليس الشرب من ضرورات الحمل، والحديث محمول على الحمل المقرون بقصد المعصية.

<<  <  ج: ص:  >  >>