وأما بعد ما طمس القبر فلم يبق له علامة ولا أثر وكان تحت قدميه أو كان بينه وبينه حائل فلا كراهة حينئذ.
وأما اتخاذ السرج عليها فمع ما فيه من إسراف ما له المنهي عنه بقوله تعالى {وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (٢٦) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} تشبه باليهود فإنهم كانوا يسرجون المصابيح على قبور كبرائهم وتعظيم للقبور واشتغال بما لا يعنيه أن أعتقد أن أصحاب القبور ليس لهم حاجة في ذلك ولا هم به منتفعون وعمل باعتقاده الباطل وزعمه الكاذب إن كان ظنه بعض الجهلة أنهم وقت غلق الباب من خارج وكذلك في غير البناء إذا تخلوا يخرجون من مقابرهم ويتحاورون ويكالمون فيما بينهم ولذلك ترى هؤلاء الأغمار إذا أرادوا الدخول في مكان فيه قبر لكبير صفقوا بأيديهم من خارج ليسمعوا ويعلموا فيدخلوا في بيوتهم أي الأجداث افرؤهم نسوة أو ظنوهم عراة فصدق عز من قائل {مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا}.
[باب النوم في المسجد]
.
قوله [كنا ننام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ونحن شاب] هذا ما استدل به من جواز النوم في المسجد، والأولى (١) التحرز عن مثل ذلك إلا إذا اضطر إليه كما فعله بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعده من نباء الصفة في المسجد لمثل هذه الحوائج، وأما قول عبد الله بن عمر هذا فإنما كان لضرورة له إذ لم يكن
(١) فقد عد صاحب الدر المختار فيما يكره في المسجد النوم لغير المعتكف.