للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا شرذمة قليلة من أهل الظاهر (١) ومن ذلك الذي استدلوا به على مرامهم، قوله: كنا إذا رجعنا من الجمعة لم نكن تجد للجدران ظلاً نتقي به رؤوسنا فإذا كان الرجل خطب ثم صلى ثم دعا ثم تنفل بما قدر الله له ثم رجع وليس للجدران فتى علم أن ذلك كله كان قبل الزوال، وإلا فلم لا يكون للجدران فتى بهذا القدر ولكنه يرد عليه أن الرجل إذا شرع في ذلك كله مع زوال الشمس عن نصف النهار فليس يستبعد أن يفرغ من الخطبة والصلاة وليس للجدران ظل يتقي به الرؤوس كيف وصلاته صلى الله عليه وسلم كانت قصدًا كخطبته، وأي دليل لهم على ما قالوا من تأدية السنن في المسجد ولم يكن في دعائه صلى الله عليه وسلم كثير اشتغال في الجماعة، وأنت تعلم ما في الجدران إذ ذاك من قصر.

[باب ما جاء في الخطبة على المنبر]

.

أراد بذلك دفع ما عسى أن يتوهم من كونه بدعة أو من عادة الجبابرة والمتكبرين، وكان لمنبر النبي صلى الله عليه وسلم. درجات ثلاث وكان يخطب على أقصاها (٢)


(١) قلت: بل ذهب إليه بعض الفقهاء من الأئمة المجتهدين أيضًا، قال النووي: قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وجماهير العلماء من الصحابة ومن بعدهم لا تجوز الجمعة إلا بعد زوال الشمس، ولم يخالف في هذا إلا أحمد بن حنبل وإسحاق فجوازها قبل الزوال، كذا في الأوجز، والشيخ لم يستثن إلا الظاهرية وذلك لأنه كثيرًا ما يعد الإمام أحمد من أهل الظاهر لأنه يعمل على ظواهر الأحاديث أكثر من غيره.
(٢) قال العيني بعدما ذكر رواية طفيل بن أبي بن كعب عن أبيه بلفظ ثلاث درجات فإن قلت: روى أبو داؤد عن ابن عمر بلفظ: فاتخذ له منبر مرقاتين فبينه وبين ما ثبت في الصحيح منافاة، قلت: الذي قال مرقاتين لم يعتبر الدرجة التي كان يجلس عليها صلى الله عليه وسلم انتهى، وفي الخميس نقل ابن النجار عن الواقدي أنه درجتان ومجلس، وللدارمي في صحيحه عن أنس فصنع له منبر له درجتان ويقعد على الثالثة، وليحيى عن الزناد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجلس على المجلس يضع رجليه على الدرجة الثانية فلما ولى أبو بكر قام على الدرجة الثانية ووضع رجليه على الدرجة السفلي فلما ولى عمر قام على الدرجة السفلى ووضع رجليه على الأرض فلما ولى عثمان فعل ذلك ست سنين من خلافته ثم علا إلى موضع النبي صلى الله عليه وسلم، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>