للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن ذلك غاية ما في الباب أن القلة على تقدير المثل كثيرة وعلى تقدير المثلين قليلة وصحة التشبيه تتوقف على نفس القلة والكثرة دون مقدارها مع أن للكلام فيه مجالاً بعد وهو (١) أن يقال المراد بالصلاة فيهما ليس هو الوقت الأصلي إنما المراد إجارته إياه من حين يصلي القوم العصر بجماعة وهو أوسط وقتها المستحب لاستحباب تأخيرها فلا يضر زيادة وقت العصر على وقت الظهر لتوقف صحة التشبيه على تفاوت وقتيهما بعد أداء المفروضة فأفهم فالتحقيق الذي ارتضاه المحققون أن الصحيح من المذهب هو العمل برواية المثل في الظهر ويدخل بعده وقت العصر ومع ذلك فالأولى أن يفرغ من الظهر قبل انقضاء المثل سوى فتى الزوال ويدخل في صلاة العصر بعد المثلين لئلا يكون صلاته مختلفًا فيها لكن التشدد في ذلك مما لا ينبغي أيضًا فإياك وأن تجادل مع المخالفين لذلك الذي عينا وإياك وأن تظن قطعية العمل بالذي بينا والله ولي التوفيق وبيده أزمة التحقيق إنه الميسر للصعاب وإليه الموئل في كل باب والله الهادي إلى سواء السبيل وهو حسبي ونعم الوكيل.

[قوله باب التغليس بالفجر]

هذا بيان لما أجمله من الوقت المستحب وإشارة إلى ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأمر به من بين ذلك فقال باب التغليس بالفجر، اعلم أن مذهب الشافعي (٢) أن الأحب هو التغليس وذهب في ذلك إلى ما روى أن النبي


(١) وفيه أن القائلين بالمثل أكثرهم قالوا باستحباب الصلاة في أول الوقت فهذا التوجيه أيضًا لا يجدي لهم شيئًا.
(٢) وبه قال مالك وأحمد في رواية، وفي أخرى له كما في الأوجز والمغنى أن العبرة بحال المصلين إن أسفروا فالأسفار أفضل، وقال الأئمة الثلاثة الحنفية الأسفار أفضل ومال الطحاوي إلى أن يبدأ بالتغليس ويطول القراءة حتى يسفر جدًا ومستدل الحنفية بسطت في الأوجز بأحسن البسط.

<<  <  ج: ص:  >  >>