للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا صار ظله مثله سوى فتى الزوال وإن كان شتاء ففتى الزوال حينئذ قريب من المتل فيقع صلاته في أول وقت الظهر فلم يثبت (١) به المدعي، والحاصل أن الاستدلال بتلك الرواية متوقف على إثبات أن المراد بالمثل فيها سوى الفتى الأصلي ولا يثبت فلا يتمشى حجة. ومن متمسكاتهم في هذا الباب ما رواه أكثر أصحاب الحديث من رواية تمثيل أجر هذه الأمة بمن استعمل أجيرًا من الفجر إلى الظهر ثم آخر منها إلى العصر ثم آخر منها إلى الغروب والأولان اليهود والنصارى، والثالث أمة محمد صلى الله عليه وسلم فقال الأولان حين رأوا كثرة عطاءهم مع قلة عملهم مالنا أقل عطاء وأكثر عملاً فهذا يدل على أن وقت العصر أقل من وقت الظهر وإلا لم يصح التمثيل والقلة في وقت العصر لا تستبين إلا إذا ابتدئ بعد المثلين وفيه أن زيادة وقت الظهر على وقت العصر لازمة على كل حال (٢) كما يظهر بالتفحص


(١) لكن في الصيف لا يكون في هذا الإقليم فتى مطلقًا ففي هامش الزيلعي إن لكل شيء ظلاً وقت الزوال إلا بمكة والمدينة وصنعاء اليمن في أطول أيام السنة فإن الشمس فيها تأخذ الحيطان الأربعة ولو سلم فلا يكون أكثر من شراك النعل كما تقدم في كلام الشيخ أيضًا فإذا تضمن أثر أبي هريرة لأيام السنة كلها كما أفاده الشيخ بنفسه ففي الصيف يكون صلاة الظهر بعد المثل بداهة فثبت المقصود إذ لا قائل بالفصل بين الصيف والشتاء من أن في الأول يبقى الوقت إلى المثلين وفي الثاني إلى المثل.
(٢) هذا مسلم كما يظهر بملاحظة الفصل بين الزوال إلى المثل ومنه إلى الغروب لكنه دقيق لا يظهر إلا بمعاناة التعب ولذا قال الزيلعي لا يقال من وقت الزوال إلى أن يصير ظل كل شيء مثله أكثر من ثلاث ساعات ومن وقت المثل إلى الغروب أقل من ثلاث ساعات فقد وجد كثرة العمل لطول الزمان لأنا نقول هذا القدر اليسير من الوقت لا يعرفه إلا الحساب ومراده صلى الله عليه وسلم تفاوت يظهر لكل أحد من أمته على أنه في صورة المثل يكون وقت العمل للفرقة الثانية والثالثة قريبًا من السواء ومقتضى السياق أن يكون وقت الفرقتين الأوليين قريبًا من السواء كما لا يخفى وهذا لا يتمشى إلا على اختيار المثلين.

<<  <  ج: ص:  >  >>